عنه ، والانفصال لا يكون إلا ببيت مستقلّ أو جملة منفردة عن سياق الكلام متعلّقة به داخلة فيه (١).
المواردة :
ورد الماء وغيره : أشرف عليه ، دخله أو لم يدخله ، يقال : رجل وارد ، وكل من أتى مكانا منهلا او غيره فقد ورده (٢).
قال التّبريزي : «المواردة أن يتّفق الشاعر أن اذا كانا في عصر واحد او تأخّر أحدهما عن الآخر على معنى واحد يتواردانه جميعا بلفظ واحد من غير أخذ أحدهما عن الآخر. وهي مأخوذة من ورود الحيين الماء من غير انفاد» (٣) وذلك نحو ما ذكره ثعلب عن محمد بن زياد الأعرابي قال : قال لابن ميادة حين قال :
بمستأسد القريان حوّ تلاعه |
فنوّاره ميل الى الشمس ظاهره |
أين يذهب بك ، هذا للحطيئة. قال : أكذلك؟ قال :نعم. قال : الآن علمت أنّي شاعر ما سمعت بهذا إلّا الساعة ، إني لشاعر حين وافقته وواردت على قوله (٤).
وقال الحاتمي : «أخبرنا أبو عمر عن ثعلب عن أبي نصر عن الأصمعي قال : قلت لابي عمرو بن العلاء : «أرأيت الشاعرين يتفقان في المعنى ويتواردان في اللفظ؟ لم يلق أحد منهما صاحبه ولا سمع بشعره؟فقال لي : تلك عقول رجال توافت على ألسنتها» (٥).
وأدخل ابن رشيق المواردة في باب السرقات وأشار الى بيت امرىء القيس :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
يقولون لا تهلك أسى وتجمّل |
وبيت طرفة :
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم |
يقولون لا تهلك أسى وتجلّد |
ورفض أن تكون هذه مواردة ، وقال إنّ امرأ القيس أسبق في قول هذا المعنى لأنّ طرفة في زمان عمرو بن هند شاب حول العشرين وكان امرؤ القيس في زمان المنذر الأكبر كهلا وشعره أشهر من الشمس فكيف يكون مواردة؟ (٦)
ولم يدخل العلوي هذا النوع في السرقة لأنّ «ذلك إنّما يكون فيمن علم حاله بالسبق لذلك الكلام ثم يأخذه غيره مع علمه بأنه له كسرقة المتاع يأخذه السارق وهو حقّ لغيره على جهة الخفية» (٧).
وقال المصري : «هو توارد الشاعرين المتعاصرين اللذين تجمعهما طبقة واحدة على معنى واحد إما مجرّدا أو ببعض ألفاظه أو بأكثرها أو كلها ، فان كان أحدهما أقدم أو طبقته أرفع حكم له على صاحبه بالسبق. وقد رأيت من يجعل اتفاق الشاعرين من طبقتين مختلفتين في عصرين متباينين إذا تقارب ما بينهما بعض التقارب في الأمرين أو في القوة والقدرة تواردا» (٨). ومثال الأوّل بيتا امرىء القيس وطرفة ، ومثال ما جاء من القسم الثاني ما جرى لابن ميّادة وبيت الحطيئة. وسمّى ابن منقذ هذا الباب «التوارد» (٩) ، وقد تقدّم.
الموازنة :
وازنه : عادله وقابله ، وهو وزنه وزنته ووزانه وبوزانه
__________________
(١) تحرير التحبير ص ٢٤٦.
(٢) اللسان (ورد).
(٣) الوافي ص ٢٩٩ ، وينظر الايضاح في مقامات الحريري ص ١٩.
(٤) الوافي ص ٢٩٩ ، وينظر تحرير التحبير ص ٤٠٠ ، كفاية الطالب ص ١٠٨.
(٥) حلية المحاضرة ج ٢ ص ٤٥.
(٦) العمدة ج ٢ ص ٢٨٩.
(٧) الطراز ج ٣ ص ١٧٠.
(٨) تحرير التحبير ص ٤٠٠.
(٩) البديع في نقد الشعر ص ٢١٧ ، وينظر نفحات ص ٢٢٥ ، شرح الكافية ص ٢٠٥.