ومن اللحن ما يستقبح ولا يزيل المعنى ، كقول بعض المحدثين : لبيك بحجة وعمرة معا ، بنصبهما (١).
وروى عن أبي أمامة قال : قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : تعلموا القرآن ، فإنه يأتي يوم القيامة شافعا لأصحابه ، وعليكم بالزهراوان : البقرة ، وآل عمران (٢).
وروى «الخطيب» عن «عبد الله بن أحمد» قال : كان إذا مر بأبي لحن فاحش غيّره ، وإذا كان لحنا سهلا تركه. وقال : كذا قال الشيخ.
وروى عن «عبد الله بن أحمد بن حنبل» يقول : ما زال القلم في يد أبي حتى مات. ويقول : إذا لم ينصرف الشيء في معنى ، فلا بأس أن يصلح ، أو كما قال (٣).
قال «ابن حزم» : وأما اللحن في الحديث فإن كان شيئا له وجه في لغة العرب ، فليروه كما سمعه ، ولا يبدله ولا يرده إلى أفصح منه ولا إلى غيره. وإن كان شيئا لا وجه له في لغة العرب البتة فحرام على كل مسلم أن يحدّث باللحن عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فإن فعل فهو كاذب مستحق للنار في الآخرة ، لأنا قد أيقنا أنه ـ عليهالسلام ـ لم يلحن قط ، كتيقننا أن السماء محيطة بالأرض ، وأن الشمس تطلع من المشرق ، وتغرب في المغرب. فمن نقل عن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ اللحن فقد نقل عنه الكذب بيقين ، وفرض عليه أن يصلحه ويبشره ـ أي يمحه ـ من كتابه ، ويكتبه معربا ، ولا يحدّث به إلا معربا. ولا يلتفت إلى ما وجد في كتابه من لحن ، ولا إلى ما حدث شيوخه ملحونا.
ولهذا لزم لمن طلب الفقه أن يتعلم النحو واللغة ، وإلا فهو ناقص لا تجوز له الفتيا في دين الله ـ عزوجل ـ.
__________________
(١) «المحدث الفاضل» ٥٢٨.
(٢) «المحدث» ٥٢٩ ، والحديث أخرجه «مسلم» في «صحيحه» في (كتاب صلاة المسافرين ـ باب فصل قراءة القرآن وسورة البقرة) ٢ : ١٩٧ بلفظ «اقرأوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران». وهذه الرواية سليمة. وقد استشهد «الرامهرمزي» بهذا تدليلا على بعض اللحن الذي كان يقع من بعض الرواة على غير هيئة كلام العرب. ولا يعقل أن يكون ذلك من لفظه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ.
(٣) «الكفاية» ٢٨٧.