وإذا ثَبَتَ
بالسَمْعِ أنّ القبرَ روضةٌ من رياض الجنّةِ ، أو حُفْرَةٌ من حُفَر النيرانِ ؛
فلا بُدَّ من أنْ يُشْعَرَ ذلك حتّى لا يكونَ عبثاً.
وإذا كان النبيُّ صادقاً مُصَدَّقاً ، وأخبَرَ
بشفاعتِهِ للأمَّةِ ؛ وَجَبَ تصديقُهُ ؛ لأنّا صدّقناهُ على الجُملة ، فمتى لم نُصَدّقْهُ
في هذه القضيّة بَطَلَ ما أثبتناهُ ـ أوّلاً ـ من تصديقِهِ عليه وآله الصلاةُ
والسلامُ.
ولمّا كانَ
الناسُ فَريقَيْنِ : فريقٍ في الجنّة ، وفريقٍ في السَعيرِ ؛ فلا بُدَّ من طَريقٍ
لكلّ فريقٍ ، وذلكِ هُوَ الصِراط ، الذي وُصِفَ بأنّهُ أدَقُّ من الشعرِ.
[ و ] في هذه الدارِ لَهُ نظيرٌ ، وهو
الطريقةُ الوُسطى التي هِيَ واسطةٌ بَيْنَ الإفراطِ والتفريطِ.
فمتى عَبَرَ السالِكُ هذا الصراطَ ـ الذي
هو بَيْنَ التفريطِ والإفراطِ ـ عَبَرَ ذلك الصراطَ ، كالبَرق الخاطِف.
ومتى كانَ هيهنا في الطريق عاثِراً يكونُ هناكَ كذلِكَ .
كما قالَ النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يموتُ المرءُ على ما عاشَ عليه ، ويُحْشَرُ
على ما ماتَ عليه.
ثبَّتَنا الله تعالى بالقَوْل الثابِتِ
في الحياة الدُنيا وفي الآخِرَةِ ، وأقامَنا على الصِراطِ المستقيمِ ، أنّه رَؤوفٌ
رَحِيْم.
__________________