الإنسان فمن كان بهذه الصفة فهو ضعيف محتاج وهذا هو معنى السحر في اللغة ثم نقل هذا الإسم إلى كل أمر خفى سببه وتخيل على غير حقيقته ويجرى مجرى التمويه والخداع ومتى أطلق ولم يقيد أفاد ذم فاعله وقد أجرى مقيدا فيما يمتدح ويحمد روى (أن من البيان لسحرا) حدثنا عبد الباقي قال حدثنا إبراهيم الحراني قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد عن محمد بن الزبير قال قدم على رسول الله صلىاللهعليهوسلم الزبرقان بن بدر وعمرو بن الأهتم وقيس بن عاصم فقال لعمرو خبرني عن الزبرقان فقال مطاع في ناديه شديد العارضة مانع لما وراء ظهره فقال الزبرقان هو والله يعلم أنى أفضل منه فقال عمرو إنه زمر المروءة ضيق العطن أحمق الأب لئيم الخال يا رسول الله صدقت فيهما أرضانى فقلت أحسن ما علمت واسخطنى فقلت أسوأ ما علمت فقال عليه السلام (إن من البيان لسحرا) وحدثنا إبراهيم الحراني قال حدثنا مصعب بن عبد الله قال حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال قدم رجلان فخطب أحدهما فعجب الناس لذلك فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (إن من البيان لسحرا) قال وحدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال حدثنا سعيد بن محمد قال حدثنا أبو تميلة قال حدثنا أبو جعفر النحوي عبد الله بن ثابت قال حدثني صخر بن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول (إن من البيان لسحرا وإن من العلم جهلا وإن من الشعر حكما وإن من القول عيالا) قال صعصعة بن صوحان صدق نبي الله أما قوله إن من البيان لسحرا فالرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بالحجج من صاحب الحق فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق وأما قوله من العلم جهلا فيتكلف العالم إلى علمه ما لا يعلمه فيجهله ذلك وأما قوله إن من الشعر حكما فهي هذه الأمثال والمواعظ التي يتعظ بها الناس وأما قوله إن من القول عيالا فعرضك كلامك وحديثك على من ليس من شأنه ولا يريده فسمى النبي عليه السلام بعض البيان سحرا لأن صاحبه بين أن ينبئ عن حق فيوضحه ويجليه بحسن بيانه بعد أن كان خفيا فهذا من السحر الحلال الذي أقر النبي عليه السلام عمر بن الأهتم عليه ولم يسخطه منه وروى أن رجلا تكلم بكلام بليغ عند عمر بن عبد العزيز فقال عمر هذا والله السحر الحلال وبين أن يصور الباطل في صورة الحق ببيانه ويخدع السامعين بتمويهه ومتى أطلق فهو اسم لكل أمر مموه باطل لا حقيقة له ولا ثبات