نحو : فهو يطبع الأسجاع بجوهر لفظه ، ويقرع الأسماع بزواجر وعظه] فجميع ما في القرينة الثّانية موافق لما يقابله من القرينة الأولى ، وأمّا لفظ ـ فهو ـ فلا يقابله شيء من الثّانية (١).
ولو قال بدل الأسماع الآذان كان مثالا لما يكون أكثر ما في الثّانية موافقا لما يقابله في الأولى (٢). [وإلّا (٣) فهو متواز] ، أي وإن لم يكن جميع ما في القرينة ولا أكثره مثل ما يقابله من الأخرى فهو السّجع المتوازي [نحو : (فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ)(١) (٤)] ، لاختلاف سرر وأكواب في الوزن والتّقفية جميعا.
________________________________________________________
اللّؤلؤتين في العقد في مقابلة الأخرى ، المسمّى لغة بالتّرصيع ، وكان الأولى للمصنّف أن يقول : فمرصّع ، على صيغة اسم المفعول ، ليناسب قوله : «مطرف» ، فمثال مساواة جميع الألفاظ في القرينين قول الحريري «فهو» أي الواعظ «يطبع» أي يزيّن «الأسجاع بجواهر لفظه» الشّبيه بالجوهر «ويقرع» أي يدقّ ، أي يؤثّر في الأسماع بزواجر وعظه ، شبّه الأسماع بأبواب تقرع بالأصابع لتفتح. فالمعتبر في التّرصيع مساواة القرينة للأخرى بعد توافق فاصلتهما وزنا وتقفية.
ومحلّ الشّاهد : أنّ وعظه فاصلة موازنة للفاصلة الأولى ، وهي لفظه ، فخرج السّجع حينئذ عن كونه مطرفا ، ثمّ إنّ كلّ كلمة من القرينة الأولى موافقة لما يقابلها من القرينة الثّانية وزنا وتقفية ، وذلك لأن يطبع موازن ليقرع ، والقافية فسمعها العين ، والأسجاع موازن للأسماع والقافية ، فيهما العين أيضا ، وجواهر موازن لزواجر والقافية فيهما الرّاء.
(١) فلذلك قلنا : إنّ ذلك مثال لمساواة جميع الألفاظ.
(٢) وذلك لعدم توافق الأسماع والآذان في الوزن والتّقفية ، إذ وزن أسجاع أفعال ، وليس وزن آذان الآن أفعال وإن كان وزنه في الأصل أفعال.
(٣) أي وإن لم يكن ما في إحدى القرينتين ولا أكثره مثل ما يقابله من القرينة الأخرى فهو مما يقال له السّجع المتوازي وهو الضّرب الثّالث.
(٤) الشّاهد في «سرر وأكواب» فإنّهما مختلفان في الوزن والتّقفية جميعا ، وهو واضح. لأنّ لفظ «فيها» لا يقابله لفظ من الأخرى ، وسرر وهو نصف ما بقي ، لأنّ العبرة هنا بالألفاظ دون نفس الحروف يقابله من الأخرى أكواب ، وهو نصف الأخرى وهما مختلفان وزنا وتقفية معا كما لا يخفى.
__________________
(١) سورة المرسلات : ١ و٢.