قلت
: لأنّه (١)
يقتضي ثبوت مثل القرآن في البلاغة ، وعلوّ الطّبقة بشهادة الذّوق ، إذ التّعجيز (٢)
إنّما يكون عن الماتيّ به ، فكأنّ مثل القرآن ثابت لكنّهم عجزوا عن أن يأتوا منه (٣)
بسورة ، بخلاف ما إذا كان (٤) وصفا للسّورة ، فإنّ المعجوز عنه هو السّورة
الموصوفة باعتبار انتفاء الوصف. إن قلت (٥) : فليكن التّعجيز باعتبار انتفاء
المأتيّ منه.
________________________________________
(١) أي كون
الضّمير راجعا لما نزّلناه مع جعل الظّرف لغوا متعلّقا بفأتوا يقتضي ثبوت القرآن
... وهو غير صحيح ، لأنّ القرآن لا مثل له أصلا ، والحاصل إنّ الاستقراء دلّ على
أنّ مقتضى اللّغة واستعمال البلغاء هو أنّ التّعجيز إنّما يكون عن المأتي به مع
ثبوت المأتي منه ، فإذا جعل الضّمير لما نزّلناه ، فإنّ جعل الظّرف متعلّقا بفأتوا
أفاد أنّ العجز عن الإتيان بالسّورة الموصوفة بكونها من المثل ، فيفيد نفي المثل
حينئذ في حيّز المأتي به المعجوز عنه ، ولازم ذلك ثبوت مثل للقرآن ، وإنّهم عاجزون
عن الإتيان بمثل ذلك ، هو غير صحيح أصلا ، إذ لا مثل للقرآن أصلا.
(٢) علّة «يقتضي»
، وحاصل التّعليل : إنّ كون الضّمير راجعا إلى قوله : «ممّا نزّلناه» ثبوت مثل
للقرآن ، لأنّ التّعجيز إنّما يكون عن المأتي به ، أعني السّورة مع وجود المأتي
منه أعني المثل ، وهو غير صحيح ، لأنّ القرآن لا مثل له.
(٣) أي من
المثل الّذي فرض موجودا.
(٤) أي الظّرف
وصفا للسّورة ، يعنى إذا كان الظّرف صفة للسّورة لا يقتضي كون الضّمير لما نزّلناه
ثبوت مثل القرآن في البلاغة وعلوّ الطّبقة ، لأنّ المعجوز عنه هو السّورة الموصوفة
باعتبار انتفاء وصف المثليّة لا باعتبار ثبوته ، لأنّه لا ثبوت له أصلا لا حقيقة
ولا اعتبارا ، بل هو منتف مطلقا.
(٥) وحاصل
الإشكال : أنّه يمكن أن لا يكون التّعجيز باعتبار المأتي به عند جعل الظّرف لغوا
متعلّقا بفأتوا وترجيع الضّمير لما نزّلناه حتّى يلزم ثبوت المثل للقرآن ، بل يجعل
التّعجيز باعتبار انتفاء المأتيّ منه ، هو المثل بأن يكون لهم قدرة على الإتيان
بسورة من مثله ، إلّا أنّ المثل منتف فهم قادرون على الإتيان بسورة إلّا أنّه لا
مثل له حتّى يأتوا منه بسورة ، وحينئذ فلا يقتضي ثبوت المثل ، ولا ينتفي عجزهم
باعتبار المأتي به.