أو غير ذلك (١) فلم يأت (٢) بالضّمير لئلّا يعود إلى التّشبيه المذكور الّذي هو أخصّ (٣).
وما (٤) يقال : إنّ المعرفة إذا أعيدت كانت عين الأوّل
________________________________________
(١) أي بأن كان التّشبيه ضمنيّا كما في بعض صور التّجريد ، نحو قولك : لقيت من زيد أسدا ، فأنت في الأصل شبّهت زيدا بأسد ، ثمّ بالغت في كون زيد شجاعا ، حتّى انتزعت منه الأسد ، وإنّما كان هذا تشبيها ضمنيّا لذكر الطّرفين فيه ، فهو أقرب إلى التّشبيه من الاستعارة ، فيمكن التّحويل في الطّرفين إلى هيئة التّشبيه الحقيقي.
(٢) أي فلم يأت المصنّف بالضّمير بأن يقول : التّشبيه هو لدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى «لئلّا يعود إلى التّشبيه المذكور الّذي هو أخصّ» ، أي لئلّا يعود الضّمير إلى التّشبيه الاصطلاحي الغير المراد هنا ، لأنّ المراد والمقصود هو تعريف مطلق التّشبيه لا التّشبيه الاصطلاحي.
(٣) أي التّشبيه الاصطلاحي المذكور أخصّ من مطلق التّشبيه ، أعني التّشبيه بالمعنى اللّغوي ، لا يخفى أنّ كون التّشبيه الاصطلاحي من مقاصد علم البيان الباحث عن أحوال اللّفظ العربي من حيث وضوح الدّلالة ، يقتضي أن يكون عبارة عن اشتراك شيئين في المعنى الّذي هو مدلول الكلام ، أو الكلام الدّالّ على اشتراك شيئين في معنى ، والتّشبيه اللّغوي كما يأتي عبارة عن فعل المتكلّم ، فبينهما مباينة كلّيّة ، فأين الأخصّيّة؟
وقد يجاب بأنّ المصنّف لما فسّر التّشبيه الاصطلاحي أيضا بفعل المتكلّم حيث جعل جنسه التّشبيه اللّغوي كان أخصّ منه.
لا يقال : إنّ جعل التّشبيه الاصطلاحي عبارة عن فعل المتكلّم ، وأخصّ من التّشبيه اللّغوي ينافي كونه من مقاصد هذا الفنّ لأنّه إنّما يبحث فيه عن أحوال اللّفظ العربي وفعل المتكلّم ليس من الألفاظ.
فإنّه يقال : إنّه يكفي في كونه من مقاصد هذا الفنّ كون البحث فيه عمّا يتعلّق به من الطّرفين ، ووجه الشّبه وأداته ، والغرض منه بحثا عن أحوال اللّفظ.
إلى التّشبيه المذكور ، فلا يصحّ تفسير التّشبيه بمطلق التّشبيه ، لأنّه عين التّشبيه المذكور الّذي هو أخصّ ، والخاصّ من حيث إنّه خاصّ لا يكون عامّا فأين الأخصّيّة والأعمّيّة.
(٤) هذا جواب عن سؤال وارد على قوله : «فلم يأت بالضّمير ...» ، تقريب السّؤال أنّ المعرفة