فوقع الخلل في قوله (١) : الوهميّ أن يكون بين تصوّريهما شبه تماثل أو تضادّ أو شبه تضادّ ، والخيالي أن يكون بين تصوّريهما تقارن في الخيال ، لأنّ التّضادّ (٢) مثلا إنّما هو بين نفس السّواد والبياض لا بين تصوّريهما أعني العلم بهما ، وكذا التّقارن (٣) في الخيال إنّما هو بين نفس الصّور ، فلا بدّ من تأويل كلام (٤) المصنّف ،
________________________________________
لفظ تصوّر بدون اللّام في كلامه من باب المجاز في الكلمة ، فهو بمعنى متصوّر ، كما إنّ عدل في قولنا : زيد عدل ، من هذا القبيل ، فإنّه بمعنى عادل ، والقرينة على هذه المجازيّة قوله : مثل الاتّحاد في المخبر عنه ، أو في الخبر ...
فالمراد من لفظة تصوّر بدون اللّام في كلامه معناه الغير المتعارف ، أعني المعلوم ، لأنّ التّصوّر بمعنى المتصوّر ، لا معناه المتعارف أعني العلم ، وأمّا بناء على التّغيير الّذي أراد المصنّف به الإصلاح ، فيكون المراد من لفظة التّصوّر مع اللّام معناه المتعارف ، أعني العلم لا معناه الغير المتعارف ، أعني المعلوم.
(١) أي فوقع الخلل والفساد في قول المصنّف : «الوهميّ أن يكون ...» ، وكذلك وقع الخلل والفساد في قول المصنّف : «والخيالي أن يكون ...».
(٢) أي لأنّ التّضادّ الّذي جعله جامعا وهميّا «مثلا إنّما هو بين نفس السّواد والبياض» اللّذين هما من قبيل المعلوم «لا بين تصوّريهما ، أعني العلم بهما».
(٣) أي التّقارن الّذي جعله جامعا خياليّا «إنّما هو بين الصور» المخزونة في الخيال لا بين التّصوّرات التي هي العلم بتلك الصّور.
وهذا الخلل لا يرد على السّكّاكي ، لأنّ قوله : «اتّحاد في تصوّر ما» مثل الاتّحاد في المخبر عنه ، ظاهر أنّه أراد بالتّصوّر المتصوّر من باب المجاز على ما سبق.
(٤) أي بأن يقال : إنّه أراد بتصوّريهما مفهوميهما ، وهما الأمران المتصوّران بأن تجعل الإضافة إلى الضّمير بيانيّة.
وحاصله : إنّه أطلق المصدر أعني التّصوّر على الأمر المتصوّر من باب المجاز في الكلمة على ما تقدّم بيانه الآن ، وهو أمر لا ينكر مع وجود العلاقة ، كيف والشّارح نفسه حمل التّصوّر في كلام السّكّاكي على المتصوّر ، حيث قال فيما سبق : «وهذا ج ظاهر في أنّ المراد بالتّصوّر الأمر المتصوّر».