فحذف مثلا (١). إذ لو ذكره (٢) لكان المناسب (٣) فلم نجده (٤) ، فيفوت الغرض (٥) ، أعني إيقاع عدم الوجدان على صريح لفظ المثل
______________________________________________________
(١) أي حذف مثلا من اللّفظ بقرينة مثلا في آخر البيت.
لا يقال : المحذوف إنّما هو ضميره لا نفسه ، وذلك لأنّ البيت من باب التّنازع ، أي يطلب كل من قوله : «طلبنا» و «لم نجد» مثلا كي يكون مفعولا ، فأعمل الثّاني وحذف ما أضمر في الأوّل ، لأنّه فضلة فالمثل حينئذ مؤخّر فقط لا محذوف ، والمحذوف إنّما هو ضميره.
لأنّا نقول : المراد «فحذف مثلا» أي الّذي كان الأصل ذكره أوّلا ، ليعود عليه الضّمير ، فينتفي التّنازع.
نعم ، أتى التّنازع بعد حذف المثل الأوّل ، وأعمل الثّاني وحذف ضميره من الأوّل ، كما حذف هو ، على أنّه لا مانع من أن نقول : إنّ لفظ «مثل» محذوف من الأوّل لدلالة الثّاني عليه.
(٢) أي لو ذكر الشّاعر مثلا.
(٣) للقاعدة الأوّليّة ، وهو الإتيان بالضّمير ثانيا ، كي يعود إلى اسم مذكور أوّلا.
(٤) أي مثلا.
(٥) لأنّ الغرض في الحقيقة هو نفي الوجدان عن المثل ، ولا شكّ في أنّ إيقاع ذلك النّفي على صريح لفظه أتمّ في تحصيل الغرض من إيقاعه على ضميره لظهور قصور مثل هذه الكناية في إفادة المراد عن رتبة الصّريح وإن كان المسلّم في غير هذا الموضع أنّ الكناية أبلغ من التّصريح.
وبعبارة أخرى : الإتيان بالضّمير تفويت للغرض ، وهو إيقاع نفي الوجدان على صريح لفظ المثل لكمال العناية بعدم وجدان المثل ، وإنّما كان الغرض هو الإيقاع المذكور ، لأنّ الآكد في كمال مدح الممدوح نفي وجدان مثله على وجه لا يتوهّم فيه بل ولا يخطر بالبال أنّ الّذي نفي وجدانه غير المثل ، هذا إنّما يتحقّق في إيقاع نفي الوجدان على صريح لفظ المثل لا على ضميره ، لأنّ الضّمير من حيث هو يحتمل احتمالا ضعيفا نفي وجدان غير المثل ، لاحتمال رجوعه إلى شيء آخر ، وإن تعيّن المعنى بالمقام ، ولكن المبالغة في المدح لا يناسبها إلّا ما لا يأتيه الباطل بوجه ، ولو تخييلا.