وتقول : إن لم تقم قمت فلم في الأصل تقلب المستقبل إلى الماضي لأنها تنفي ما مضى فإذا أدخلت عليها إن أحالت الماضي إلى المستقبل ، وأما (لا) فتدع الكلام بحا إلا ما تحدثه من النفي تقول : إن لا تقم أقم ، وإن لا تقم وتحسن آتك وقوم يجيزون : إن لا تقم وأحسنت آتك ويقولون : إذا أردت الإتيان بالنسق جاز فيه الماضي فإذا قلت : إن لم تقم وتحسن آتك جاز معه الماضي إذا كان الأول بتأويل الماضي تقول : إن لم تقم ورغبت فينا نأتك وتقول : إن تقم فأقوم فترفع إذا أدخلت الفاء ؛ لأن ما بعد الفاء استئناف يقع قيه كل الكلام فالجواب حقه أن يكون على قدر الأول إن كان ماضيا فالجواب ماض ، وإن كان مستقبلا فكذلك.
وتقول : إن تقم وتحسن آتك تريد : إن تجمع مع قيامك إحسانا آتك وكذلك : إن تقم تحسن آتك تريد : إن تقم محسنا. ولم ترد : إن تقم ، وإن تحسن آتك وهذا النصب يسميه الكوفيون الصرف لأنّهم صرفوه على النسق إلى معنى غيره وكذلك في الجواب تقول : إن تقم آتك وأحسن إليك ، وإن تقم أنك فأحسن إليك ، وإذا قلت : أقوم إن تقم فنسقت بفعل عليها ، فإن كان من شكل الأول رفعته ، وإن كان من شكل الثاني ففيه ثلاثة أوجه : الجزم على النسق على (إن) والنصب على الصرف والرفع على الإستئناف فأمّا ما شاكل الأول فقولك : تحمد إن تأمر بالمعروف وتؤجر ؛ لأنه من شكل تحمد فهذا الرفع فيه لا غير ، وأما ما يكون للثاني فقولك تحمد إن تأمر بالمعروف وتنه عن المنكر فيكون فيه ثلاثة أوجه : فإن نسقت بفعل يصلح للأول ففيه أربعة أوجه : الرفع من جهتين : نسقا على الأول وعلى الاستئناف والجزم والنصب على الصرف وقال قوم : يرد بعد الجزاء فعل على يفعل ويفعل على فعل نحو قولك : آتيك إن تأتني وأحسنت ، وإن أحسنت وتأتني والوجه الاتفاق ، وإذا جئت بفعلين لا نسق معهما فلك أن تجعل الثاني حالا أو بدلا والكوفيون يقولون موضع بدل مترجما أو تكريرا ، فإن كررت جزمت ، وإن كان حالا رفعته وهو موضع نصب إذا ردّ إلى اسم الفاعل نصب فأما الحال فقولك : إن تأتني تطلب ما عندي أحسن إليك تريد : طالبا والتكرير مثل قولك : إن تأتني تأتني تريد الخير أعطك والبدل مثل قوله : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً) ثم فسر فقال :(يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) [الفرقان : ٦٨ ـ ٦٩] وكذلك إن تبرر أباك تصل رحمك تفعل ذاك لله