وقالوا : إنّ عائشة قصدت الإصلاح بين الفريقين ، فغلبها بنو ضبّة والأزد على رأيها ، وقاتلوا علياً دون إذنها حتّى كان من الأمر ما كان. (١)
وقال في كتاب أُصول الدين : أجمع أصحابنا على أنّ علياً رضياللهعنه كان مصيباً في قتال أصحاب الجمل وفي قتال أصحاب معاوية بصفين ، وقالوا في الذين قاتلوه بالبصرة : انّهم كانوا على الخطأ ، وقالوا في عائشة وفي طلحة والزبير : انّهم أخطئوا ولم يفسقوا ، لأنّ عائشة قصدت الإصلاح بين الفريقين فغلبها بنو ضبة وبنو الأزد على رأيها ، فقاتلوا علياً فهم الذين فسقوا دونها ، وأمّا الزبير فانّه لما كلمه عليّ يوم الجمل عرف أنّه على الحقّ فترك قتاله وهرب من المعركة راجعاً إلى مكة ، فأدركه عمرو بن جرموز بوادي السباع فقتله وحمل رأسه إلى علي فبشره علي بالنار ، وأمّا طلحة فانّه لمّا رأى القتال بين الفريقين همّ بالرجوع إلى مكة ، فرماه مروان بن الحكم بسهم فقتله ، فهؤلاء الثلاثة بريئون من الفسق والباقون من أتباعهم الذين قاتلوا علياً فسقة ، وأمّا أصحاب معاوية فانّهم بغوا ، وسمّاهم النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بغاة في قوله لعمار : «تقتلك الفئة الباغية» ولم يكفروا بهذا البغي. (٢)
نحن وإن لم نكن نوافق بعض ما جاء في بنود هذا النص ، وإنّما نستشهد به على أنّ دراسة أحوال الصحابة إذا كانت دراسة نزيهة لا تعدّ من السب بشيء.
وقال الحافظ الذهبي في «سير اعلام النبلاء» : لا ريب انّ عائشة ندمت ندامة كلية على مسيرها إلى البصرة وحضورها يوم الجمل ، وما ظنّت انّ الأمر يبلغ ما بلغ ، فعن عمارة بن عمير عمّن سمع عائشة إذا قرأت : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ)
__________________
(١) الفرق بين الفرق : ٣٥٠ ـ ٣٥١ ، باب بيان الأُصول التي اجتمع عليها أهل السنّة.
(٢) أُصول الدين : ٢٨٩ ـ ٢٩٠.