من سائر المسكرات عليه ليس عملاً بالقياس المصطلح ، بل عمل بالسنّة الشريفة والضابطة الكلية التي أدلى بها الشارع.
وعلى ضوء ذلك فما يلحق من الفروع بالأصل المنصوص ليس قياساً أوّلاً بل عمل بالسنّة ، وعلى افتراض كونه عملاً بالقياس فهو خارج عن محل النزاع ثانياً ، وقد أطبق مشايخنا الإمامية على العمل بمنصوص العلّة.
توضيحه : إذا كان استخراج الحكم غير متوقّف إلاّ على فهم النص بلا حاجة إلى اجتهاد ، فهو عمل بالظاهر ، بخلاف ما إذا كان متوقفاً وراء فهم النص إلى بذل جهد ، والوقوف على المناط ثمّ التسوية ثمّ الحكم ، قال سبحانه : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ). (١) فلا نحتاج في فهم حكم الخير الكثير إلاّ إلى فهم مدلول الآية.
ولنذكر مثالاً من طريقنا.
روى محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الإمام الرضا ـ عليهالسلام ـ ، أنّه قال : «ماء البئر واسع لا يفسده شيء ، إلاّ أن يتغيّر ريحه أو طعمه فيُنزح حتّى يذهب الريح ، ويطيب طعمه لأنّ له مادة». (٢)
فإنّ قوله : «لأنّ له مادة» بما أنّه تعليل لقوله : «لا يفسده شيء» يكون حجّة في غير ماء البئر أيضاً ، فيشمل التعليل بعمومه ، ماءَ البئر ، وماءَ الحمام والعيون وحنفيةَ الخزّان وغيرها فلا ينجس الماء إذا كان له مادة ، فالعمل عندئذ بظاهر السنّة لا بالقياس ، فليس هناك أصل ولا فرع ولا انتقال من حكم الأصل إلى الفرع
__________________
(١) الزلزلة : ٧.
(٢) وسائل الشيعة : ١ ، الباب ١٤ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٦.