لا تستحق بالذات إلاّ النصف وأنّ الأصل القرآني هو استحقاق الذكر ضعف سهم الأُنثى وهو النصف ، وأنّها إن ورثت المال كله فإنّما هو لأجل طارئة خاصة ، على أنّ التصريح بالفرض لأجل تبيين ما يتوقّف عليه تقسيم الفاضل ، بينها وبين من يشاركه في الطبقة كالإخوة أو الأخوات من الأُمّ ، فإنّ الباقي يردّ عليهما بنسبة سهامهما فلو لم يكن هناك تحديد بالنصف فمن أين تعلم كيفيّة الرد.
الثالث : قوله تعالى : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا). (١)
وجه الاستدلال : أنّ زكريا ـ عليهالسلام ـ لمّا خاف أن ترثه العصبة ، سأل الله سبحانه أن يهبه وليّاً حتى يرث المال كلّه ، لا وليّة حتى ترث المال نصفه ويرث الموالي الفاضل ، ولو لا ذلك لما أكّد على كون الولد الموهوب من الله ذكراً ، في قوله سبحانه : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا).
يلاحظ عليه : أنّ المقصود من قوله «وليّاً» هو مطلق الأولاد ذكراً كان أو أُنثى ، وذلك على مساق إطلاق المذكّر وإرادة الجنس ، وهو شائع في القرآن الكريم.
مثل قوله سبحانه : (إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بشهادة قوله تعالى في آية أُخرى : (هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ). (٢)
بل يمكن أن يقال إنّه طلب ذرّية مثل مريم لقوله سبحانه قبل هذه الآية : (كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً قالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هذا
__________________
(١) مريم : ٦٥.
(٢) آل عمران : ٣٨.