فما هو معنى التعلق؟
إن الظرف والجار والمجرور يدلان على معنى فرعي يتمم نقصان المعنى الذي يدل عليه الفعل أو ما يشبهه : أي أن هذا المعنى الفرعي يرتبط بمعنى الفعل ، أي يتعلق به. والفعل وما يشبهه يدل على حدث ، والحدث لا يحدث في فراغ ، وإنما يحدث في زمان أو في مكان. وليس ذلك تحليلا فلسفيا صرفا ، وإنما هو تحليل لغوي أيضا. فإذا قلت مثلا : سافر زيد. دلت هذه الجملة على معنى مستقل يمكن أن نقتصر عليه. فإذا قلت سافر زيد يوم الجمعة. دل الظرف هنا على معنى فرعي مرتبط بالفعل سافر لأنه يضيف إلى معناه معنى جديدا ، ثم إننا نفهم أن هذا الحدث وهو «السفر» قد حدث في يوم الجمعة أي في زمان معين. وكذلك إن قلت وقف زيد أمام البيت ، فإن الظرف يدل على معنى جديد يضيفه إلى معنى الفعل ، بالإضافة إلى أن الحدث الذي يدل عليه الفعل قد وقع في المكان المعين الذي يحدده الظرف. وهكذا إذا قلت سافر زيد من القاهرة إلى دمشق ، فإن حرف الجر (من) يدل على معنى جديد ، بالإضافة إلى دلالته على أن الحدث الذي يدل عليه الفعل قد بدأ حدوثه من هذا المكان ، وكذلك الحرف الآخر (إلى) أي أن الحدث ينتهي عند هذا المكان ... وهكذا.
فالتعلق إذن عبارة عن ارتباط شبه الجملة بالحدث الذي يدل عليه الفعل أو ما يشبهه ، بالإضافة إلى دلالته على «الحيز» الذي يقع فيه الفعل.
وعلى هذا الأساس نقول في الظرف والجار والمجرور الواقعين بعد المبتدأ ويتممان معه معني الجملة ـ أنهما متعلقان بمحذوف خبر ، وليسا هما الخبر حقيقة لأنهما ـ على الأصح ـ لابد أن يتعلقا بما يدل على الحدث ، فجملة مثل : زيد في البيت. أو زيد أمام البيت.
لابد أن يكون تقديرها : زيد (كائن أو مستقر أو كان أو استقر) في البيت أو أمام البيت.
ويرى بعض القدماء ـ ويؤيده بعض المحدثين ـ أن نعدّ شبه الجملة الواقع هذا الموقع خبرا بذاته ، أي ليس متعلقا بخبر محذوف. ومع ما في هذا الرأي من تيسير فإن المتخصص ينبغي أن يدرك المعنى الذي رمى إليه