ولا يكمل لعبادته ، وعمرة أرضه إلاّ من كان طاهر النفس قد أُزيل رجسها ونجسها ، فللنفس نجاسة كما إنّ للبدن نجاسة ، لكن نجاسة البدن قد تدرك بالبصر ونجاسة النفس لا تدرك إلاّ بالبصيرة ... وإنما لم يصلح لخلافة الله إلاّ من كان طاهر النفس ، لأنّ الخلافة هي الاقتداء به تعالى على الطاقة البشرية ، ومن لم يكن طاهر القول والفعل فكل إناء بالذي فيه يرشح ... » (١).
يتبين لنا من ذلك أنَّ القرآن الكريم بعد أن أشادَ بفضل الإمام عليّ عليهالسلام وبفضائله ، ارتقى به إلى منزلة التزكية المطلقة « التطهير » ثم صعدَ به إلى منزلةٍ على غاية من الأهمية ، إذ جعل نفسَ الإمام عليّ عليهالسلام كنفس النبي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم كما هو صريح آية المباهلة. وتأسيساً على ذلك ، أكدّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مراراً وكراراً قائلاً : « عليٌّ مني وأنا من عليّ » (٢) وعندما حاول بعض الناس الشكوى من الإمام عليّ عليهالسلام بغيةَ التشويش على مقامه هذا ومنزلته ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما تريدون من عليّ .. ؟ » ردّدها ثلاثاً ، ثم قال : « إنَّ علياً مني وأنا منه » (٣).
ومن أجل قطع الطريق أمام المتشككين بهذه المنزلة الرفيعة التي أنزل الله تعالى فيها الإمام عليّ عليهالسلام ، ولترسيخ وتأكيد ولايته وخلافته بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في كلِّ ما يهم المسلمين من أجل ذلك جاء قوله تعالى :
__________________
(١) الذريعة إلى مكارم الشيعة ، لابن المفضل الراغب الأصفهاني : ٢٩. والاستدلال على العصمة بآية التطهير ـ الاُصول العامّة للفقه المقارن ، لمحمّد تقي الحكيم : ١٧٤.
(٢) التاج الجامع للاُصول ، للشيخ منصور عليّ ناصف ٣ : ٣٣٤. وتاريخ الخلفاء ، للسيوطي : ١٦٩.
(٣) سنن الترمذي ٥ : ٥٩٤.