وهكذا سار موكب النور قروناً موغلة في
القِدَمِ ، يبلّغ رسالاتِ ربِّه ، وكلّ شعاع منه أضاء لقوم في زمنٍ محدودٍ. حتى
إذا ما بلغ الظلامُ أشدّه والجهلُ منتهاه ، واتّخذَ النّاسُ أرباباً من دون الله ،
وسجدوا سفاهةً لكلِّ حجر ومدر !! بُعث خاتم الأنبياء والمرسلين أبو القاسم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم مُبشراً ، ومُنذراً ، وهادياً مهدياً ،
وداعياً إلى صراطٍ مستقيمٍ ، ومنقذاً للناس كافة (
ومَا
أرسَلنَاكَ إلاّ رَحمَةً للعَالَمِين
) ، فلا نبي ولا رسول بعد ( رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيينَ
) ، ولا يقبل غير دينه العظيم ( ومن يَبتَغِ غَيرَ الإسلام دِيناً فَلَن
يُقبَلَ مِنهُ وَهُوَ فِي الآخِرةِ مِنَ الخَاسِرِينَ
) .
ولا يخفى على أحدٍ أنَّ للمسلمين تجاه
هذا الدين القويم مذاهبَ ومشاربَ شتّى ، وطبقاً لحديث ( الفرقة النّاجية ) فإنَّ جميعها ـ من غير هذه ( الفرقة )
ـ لا يعبر عن واقع الدين ، لاستحالة ترسمها جميعاً محض الحقِّ ، لِمَا اشتملت عليه
من تناقضات لا يُتعقَّل كونها من الدين الخاتم.
والدينُ متى ما أدخل فيه ما ليس منه ، أو
أُخرج عنه ما هو منه بفتنة عمياء ، لم يكن ديناً ملبياً لحاجاتِ الإنسان ، ولا
مخاطباً لعقلهِ وسموّ تفكيره ؛ لأنَّه دين اختلط فيه السليم بالسقيم الّذي هو من
صنع أهل البدع والأهواء.
وأمّا الدين الحقّ الذي لم تكن فيه لأهل
البدع والأهواء يدٌ ، فلاشكَّ
__________________