وأَخبرني المُنْذريّ ، عن الحَرَّانيّ ، عن ابن السِّكِّيت : العرب تقولُ : لا بِذِي تَسْلَمُ ما كان كذا وكذا ، وللاثنين : لا بذي تَسْلمان ، وللجماعة : لا بذي تَسْلمون ، وللمؤنث لا بذي تَسْلَمين ، وللجماعة : لا بذي تَسْلَمْنَ. والتأويل : لا والله يُسَلِّمك ما كان كذا وكذا ، لا وَسَلامتك ما كان كذا وكذا.
وقال أبو العبَّاس المُبَرِّد : ممَّا يُضاف إلى الفعل «ذو» في قولك : افْعَل كذا بذي تَسْلَم ؛ وافْعَلَاه بذي تَسْلمان.
معناه : بالذي يُسلِّمك.
ورَوَى أبو حاتم ، عن الأصمعي : تقول العَرب : والله ما أَحْسَنْت بذي تَسْلَم.
قال : معناه : والله الذي يُسلِّمك من المَرْهوب.
قال : ولا يَقُول أحد : بالذي تَسلم.
قال : وأمَّا قَوْل الشاعر :
* فإنّ بَيْت تَمِيم ذو سَمِعْتَ به*
فإنَّ «ذو» ها هنا بمعنى : الذي ، ولا تكون في الرَّفع والنَّصب والجرّ إلا على لَفْظٍ واحد. وليست بالصِّفة التي تُعرب ، نحو قولك : مررت برَجُل ذي مال ، وهو ذو مال ، ورأيت رجلاً ذا مال.
قال : وتقول : رأيت ذو جاءك ، وذو جاآك ، وذو جاءُوك ، وذو جاءتْك ، وذو جِئْنك ، بلفظ واحد للمذكَّر والمؤنّث.
قال : وَمَثَلٌ للعرب : أتَى عليه ذو أَتَى على النَّاس ، أي الذي أَتَى.
قلتُ : وهي لُغة طيِّىء ، و «ذو» بمعنى : الذي.
وقال اللَّيْثُ : تقول : ماذا صَنَعْتَ؟ فيقول : خيرٌ ، وخيراً ، الرفع على معنى : الذي صَنَعْتَ خَيْرٌ ، وكذلك رَفع قول الله عزوجل : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) [البقرة : ٢١٧] ، أي الّذي تُنْفِقُون هو العَفو من أَمْوالكم ، فإيّاه فأَنْفِقوا ؛ والنَّصْب للفِعْل.
وقال أَبو إسْحاق : مَعنى قوله : (ما ذا يُنْفِقُونَ) على ضَرْبين : أحدهما أن يكون «ذا» في معنى «الذي» ، ويكون «يُنْفِقُونَ» من صفته. المعنى : يسألون أي شيء يُنْفِقون؟ كأنه بَيَّن وَجْه الذي يُنْفِقون ، لأنَّهم يَعلمون ما المُنْفَق ، ولكنَّهم أرادوا عِلْم وَجْهه.
ومثل جَعْلهم «ذا» في معنى «الذي» قولُ الشاعر :
عَدَسْ ما لِعَبَّاد عَلَيْكِ إمارةٌ |
نَجَوْت وهذا تَحْمِلين طَليقُ |
المعنى : والذي تحملين طَلِيق ، فيكون «ما» رَفْعاً بالابتداء ، ويكون «ذا» خبرها.
قال : وجائز أن يكون «ما» مع «ذا» بمنزلة اسمٍ واحد ، ويكون الموضع نصباً ب «يُنْفِقُونَ». المعنى : يسألونك أي شيء