وقال كثير من الفقهاء ، وقطرب وثعلب وابن درستويه وحكي عن الكسائي والفرّاء إنها تفيد الترتيب (١) واحتجوا بآية الوضوء ، وردّ بأن الترتيب أخذ من السّنة ، وبقول ابن عباس لما سئل في قوله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ)(٢) أيّهما نقدم؟ فقال قدموا ما قدم الله (٣) ، ورد بأن الواو أفادت لما سألوا أيهما نقدم ، وهم عرب. والواو لها معان ثمانية : (٤) عاطفة وهي هذه ، وجامعة واو المفعول معه ، وللتقسيم ، نحو : الكلمة اسم وفعل وحرف ، وواو قسم ، وواو (ربّ) ، واو الحال ، وهي واو الابتداء ، وناصبة للفعل ، وزائدة وهي واو الثمانية نحو : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ)(٥).
قوله : (والفاء للترتيب) ، يعني بغير مهملة ، وهو مذهب الجمهور (٦) ، نحو قوله تعالى : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ)(٧). إلا أن المهملة تختلف بحسب الإضافات ، فقد يقرب الشيء وإن كان بعيدا بالنسبة إلى عظم الأمر ، وقدرته على إيجاده بغير مهملة ، أو بالنسبة إلى ما هو أبعد منه ، ويبعد
__________________
(١) وقد ذكر هؤلاء المرادي صاحب الجنى الداني ١٥٨ ـ ١٥٩ ، وهمع الهوامع ٥ / ٢٢٤.
(٢) البقرة ٢ / ١٥٨.
(٣) ينظر شرح المفصل ٨ / ٩٣.
(٤) ينظر معاني الواو في المصادر التالية : المفصل ٣٠٤ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٦٤ وما بعدها ، والرصف ٤٧٣ وما بعدها ، والجنى الداني ١٥٨ وما بعدها ، والمغني ٤٦٣ وما بعدها. ومعاني الحروف للرماني ٥٩.
(٥) الكهف ١٨ / ٢٢ وتمامها : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ...).
(٦) للتفصيل ينظر الكتاب ٤ / ٢١٧ والمقتضب ١ / ١٤٨ ، والمفصل ٣٠٤ ، وشرحه لابن يعيش ٨ / ٩٥ ، وشرح الرضي ٢ / ٣٦٥ ، ورصف المباني ٤٤٠ ، والجنى الداني ٦١ ، والمغني ٢١٤ ، وحروف المعاني ٤٨.
(٧) عبس ٨٠ / ٢١.