مثبتا ، فتكون الجملة الثانية منقطعة عن الأولى كأنه قال : (ما تأتينا ، فأنت الآن تحدثنا حديث من يجهل أمرنا).
قوله : (أحدهما السببية) (١) ، يعني الفاء تنصب بشرطين : (أحدهما السببية ، والثاني : أن يكون قبلها أمر أو نهي [أو استفهام ، أو نفي ، أو تمن ، أو عرض](٢) إلى آخرها) ذكر ستة ولم يذكر التخصيص ، ولا وجه لتركه ، لأن النصب في جوابه متفق عليه ، وأورد في القرآن (٣) ، وإنما نصب بعد جواب هذه الأشياء ونحوها لأنها للإنشاء ، وما بعد الفاء خبر وعطف الخبر على الإنشاء لا يصح ، فقدروا الإنشاء بجملة اسمية و (أن) بعد الفاء ليكون عطف اسم على اسم وهو جملة واحدة ، ويكون التقدير في (أكرمني وأكرمك) ، (ليكن منك إكرام فإكرام مني).
قوله : (أمر) الأمر صريح وغير صريح ، فالصريح (قم فأكرمك) و (ليقم زيد فأكرمه) قال :
[٦٠٧] يا ناق سيري عنقا فسيحا |
|
إلى سليمان فنستريحا (٤) |
__________________
(١) قال المصنف في شرحه ١٠٤ : (وإن كانت فاء السببية فهي مع الجملة منقطعة عما قبلها فلا فرق بين أن تكون السببية تدخل على الأسماء أيضا كقوله تعالى : ((فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ)) وشبهه ، ونواصب الأفعال لا دخول لها على الأسماء لانتفاء معناها فثبت أن الفاء لا عمل لها وإن العامل (أن) المقدرة).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.
(٣) مثاله : (ولو لا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك).
(٤) الرجز ، لأبي النجم في الكتاب ٣ / ٣٥ ، والمقتضب ٢ / ١٤ ، والأصول ٢ / ١٨٣ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ٢٧٠ ، وشرح المفصل ٧ / ٢٦ ، وشرح ابن عقيل ٢ / ٣٥٠ ، وشرح شذور الذهب ٣٢٢ ، وأوضح المسالك ٤ / ١٨٢ ، ـ ورصف المباني ٣٨١ ، وشرح التصريح ٢ / ٢٣٩ ، وهمع الهوامع ١ / ٢٦٥ ، والدرر ٣ / ٥٢.
والشاهد فيه قوله : (فنستريحا) حيث نصب الفعل المضارع بأن مضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب الأمر المدلول عليه بقوله سيري.