قوله : (وحتى) (١) هذه أول النواصب بتقدير (أن) وإنما قدرت (أن) بعدها مع الفعل لأنها حرف جر وحروف الجر من خواص الأسماء فلما دخلت على الفعل وجب أن تقدر لها ما تسبكه اسما وليس ذلك إلا بـ (إذن) أو (كي) و (ما) و (كي) مقدرة (٢) وأيضا يتعذر تقديرها في نحو :(سرت حتى تغيب الشمس) فلم يبق إلا (أن) فوجب تقديرها ، ول (حتى) في الإعراب أربعة أحوال : جارّة ، وذلك في الاسم وتكون بمعنى (إلى) نحو :(سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٣) وعاطفة نحو : (قدم الحاج حتى المشاة) ، وابتدائية نحو :
[٦٠٦] ... ـ |
|
وحتى الجياد ما يقدن بأرسان (٤) |
__________________
(١) قال الرضي في شرحه ٢ / ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، اعلم أن هذه الحروف مختلف فيها إذا انتصب الفعل بعدها بإضمار أن ، فعند البصريين حتى ولام كي ولام الجحود حروف جر والواو والفاء وأو حروف عطف ، ولا ينصب عندهم شيء منها شيء بنفسه ، وعند الكوفيين أنّ حتى واللامين تنصب بنفسها لقيامها مقام الناصب ، وعند الجرمي أن الفاء والواو وأو ناصبة بنفسها ، وقال الفراء الأفعال بعد هذه الأحرف منتصبة على الخلاف أي أن المعطوف بها صار مخالفا للمعطوف عليه في المعنى فخالفه في الإعراب.
وقال الكسائي من بين الكوفيين إن حتى ليست في كلام العرب حرف جر ، وإن الجر الذي بعدها في نحو :((سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)) بتقدير حرف الجر أي إلى بعدها أي حتى انتهى إلى مطلع الفجر.
(٢) العبارة منقولة عن الرضي بتصرف دون إسناد ٢ / ٢٤١.
(٣) القدر ٩٧ / ٥.
(٤) البيت من الطويل ، وصدره :
سريت بهم حتى تكل مطيّهم
وهو لامرئ القيس في ديوانه ٩٣ ، وينظر الكتاب ٣ / ٢٧ ، وشرح أبيات سيبويه ٢ / ٤٢٠ ، والمقتضب ٢ / ٧٢ ، وشرح المفصل ٨ / ١٩ ، ومغني اللبيب ١٧٢ ، وشرح شواهد المغني ١ / ٣٧٤ ، ورصف المباني ٥ / ١٨١ ، واللسان مادة (مطا) ٦ / ٤٢٢٦ ، وهمع الهوامع ٥ / ١٥٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٤٢٠.
والشاهد فيه قوله : (حتى الجياد) حيث جاءت حتى ابتدائية وليست عاطفة كما زعم ابن السيد فيما نقله عنه ابن هشام في المغني ١٧٢.