وتقديم وتأخير ، مع أنّ الفعل مسند ، وكان ينبغى أن يبحثه فى باب المسند ويذكر أنّه يأتى فعلا واسما وجملة.
ولكننا لا بدّ أن نحمد للسكاكى انتباهه إلى اشتراك كثير من المباحث التى ذكرها فى المسند والمسند إليه ، فقد أشار ـ وهو يتحدث عن الحالة المقتضية لقصر المسند إليه على المسند ـ إلى أنّ القصر لا يختص بالمسند إليه وإنما يدخل المسند أيضا ، ويجرى بين الفاعل والمفعول ، وبين المفعولين ، وبين الحال وذى الحال ، وبين كل طرفين. يقول : «واعلم أنّ القصر كما يكون للمسند إليه على المسند يكون للمسند على المسند إليه ، ثم هو ليس مختصا بهذا البين بل له شيوع وله تفريعات ، فالأولى أن نفرد للكلام فى ذلك فصلا ونؤخره إلى تمام التعرف لما سواه فى قانوننا هذا ليكون إلى الوقوف عليه أقرب» (١)
هذا ما يتعلق باتخاذ ركنى الجملة أساسا فى تقسيم مباحث علم المعانى ، أما ما يتصل بالموضوعات نفسها فقد ذكر التقديم والتأخير ، والحذف والذكر والفصل والوصل ، والإيجاز والإطناب ، والتعريف والتنكير ، والقصر ، فى القانون الأول أى فى باب الخبر. وليس فى هذا دقة ، لأنّ هذه الموضوعات تدخل الطلب كما تدخل الخبر. وقد أشار عبد القاهر إلى ذلك بقوله : «أنّه لا يجوز أن يكون لنظم الكلام وترتيب أجزائه فى الاستفهام معنى لا يكون له ذلك المعنى فى الخبر ، ذلك أنّ الاستفهام استخبار ، والاستخبار هو طلب من المخاطب أن يخبرك. فاذا كان كذلك كان محالا أن يفرق الحال بين تقديم الاسم وتأخيره فى الاستفهام فيكون المعنى إذا قلت : «أزيد قام؟» غيره إذا قلت «أقام زيد؟» ، ثم لا يكون هذا الافتراق فى الخبر. ويكون قولك «زيد قام» و «قام زيد» سواء ذاك ، لأنه يؤدى إلى أن نستعمله أمرا لا سبيل فيه إلى جواب ، وأن تستثبته المعنى على وجه ليس عنده عبارة يثبته لك بها على ذلك الوجه» (٢). وبقوله : «وإذ قد عرفت الحكم فى الابتداء بالنكرة فى الاستفهام فابن الخبر عليه» (٣).
__________________
(١) مفتاح العلوم ص ٩٤.
(٢) دلائل الإعجاز ص ١٠٨.
(٣) دلائل الإعجاز ص ١٠٩.