الأولى ، ولإذا في الثانية ، والأكثرون على خلافه ، وقد دخلت على الجملتين الاسميّة والفعليّة فى قوله [من الطويل] :
٩٧٢ ـ سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم |
|
وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان (١) |
فيمن راوه برفع تكلّ ، والمعنى حتى كلّت ، لكنّه جاء على حكاية الحال الماضية كقولك : رأيت زيدا أمس ، وهو راكب. ويحتمل أن يكون للحال حقيقة بأن يكون أخبر عن هذا فى حال كلال المطيّة ، كما تقول : سرت إلى المدينة حتّى أدخلها ، وأنت في حال الدخول ، وأمّا من نصب تكلّ ، فهى حتّى الجارّة ، ولا بدّ على النصب من تقدير مضاف ، أى إلى زمان كلال مطيّهم.
الثالث : أن تكون جارّة بمعنى إلى ، وقد تقدّم ذكرها في جملة حروف الجرّ ، فتختصّ بالظاهر كما مرّ ، فلا تجرّ المضمر خلافا للمبرّد والكوفيّين ، وأمّا قوله [من الوافر] :
٩٧٣ ـ أتت حتّاك تقصد كلّ فجّ |
|
ترجّى منك أنّها لا تخيب (٢) |
فضرورة ، قال ابن هشام : واختلف فى علّة المنع ، فقيل : هى أنّ مجرورها لا يكون إلا بعضا لما قبلها أو كبعض منه ، فلم يمكن عود ضمير البعض على الكلّ ، قال : ويردّه أنّه قد يكون ضميرا حاضرا كما في البيت ، فلا يعود على ما تقدّم ، وأنّه قد يكون ضميرا غالبا عائدا على ما تقدّم غير الكلّ ، كقولك : زيد ضربت القوم حتّاه ، وقيل : العلّة خشية التباسها بالعاطفة ، قال : ويردّه أنّها لو دخلت عليه لقيل فى العاطفة : قاموا حتّى أنت ، وأكرمتهم حتّى إيّاك بالفصل ، لأنّ الضمير لا يتّصل إلا بعامله ، وفي الخافضة حتّاك بالوصل كما في البيت ، وحينئذ فلا التباس ، ونظيره أنّهم يقولون في توكيد الضمير المنصوب : رأيتك أنت ، وفي البدل : رأيتك إيّاك ، فلم يحصل لبس ، وقيل : لو دخلت عليه قلبت ألفها ياء كما في إلى ، وهي فرع عن إلى ، فلا تحتمل ذلك.
قال الدمامينىّ : ولم يردّ هذا الوجه كما ردّ القولين الأخرين ، كان هذا من قبيل المرتضى عنده. وقد يقال : غايته أن لا يرتكب التغيير بالقلب لأجل الفرعية ، ولا يلزم من ذلك امتناع دخولها على المضمر مع بقاء ألفها بدون قلب ، لكن قال ابن الحاجب : حكمه ترك استعمال المضمر بعد حتّى أنّها لو دخلت عليه فقيل : حتّاه لاثبتوا مع المضمر ألفا فيما غيّرت ألف أمثاله إلى الياء كقولك : إليه وعليه ولديه ، وذلك كلّ
__________________
(١) هو لامرئ القيس. اللغة : تكلّ : تضعف وتتعب ، المطى جمع المطيّة وهى من الدواب ما يمتطى ، الجياد : جمع جواد وهو الفرس الجيد ، يقدن : مجهول من قاد ـ الدابة : مشى أمامها آخذا بمقودها ، الأرسان : جمع رسن وهو ما كان من الأزّمة على الأنف.
(٢) لم يسمّ قائله. اللغة : الفج : الطريق الواسع البعيد. لا تخيب : لا تحرم ولا تمنع.