الأخفش والكوفيّين لم يوافقوا على أنّ أحدا في آلاية يتعيّن أن يكون فاعلا بفعل محذوف ، بل يجيزون ابتدائيّة ، لأنّ إن الشرطية لا تختصّ عندهم بالأفعال ، كما قاله غير واحد ، فلا فرق عندهم بين إذا وإن في عدم الاختصاص بالجمل الفعلية ، قاله في التصريح ، فتأمّل.
أمّا قول الشاعر [من الطويل] :
٩٣٩ ـ إذا باهليّ تحته حنظليّة |
|
له ولد منها فذاك المذرّع (١) |
فعلى إضمار كان ، وباهليّ مرفوعا بها ، والجملة بعدها خبر ، والتقدير إذا كان باهليّ تحته حنظليّة وقيل : حنظليّة فاعل باستقرّ محذوفا ، وباهليّ فاعل بمحذوف يفسّره العامل في حنظليّة ، ويردّه أنّ فيه حذف المفسّر ومفسّره جميعا ، ويسهّله أنّ الظرف يدلّ على المفسّر ، فكأنّه لم يحذف.
تنبيهات : الأوّل : الجمهور على أنّ إذا لا تخرج عن الظرفيّة كما هو قضية اقتصار المصنّف ، وزعم قوم أنّها تخرج عنها ، فقال الأخفش وتبعه ابن مالك : إنّها وقعت مجرورة بحتّى في قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها) [الزمر / ٧١]. وقال ابن جنيّ في : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) [الواقعة / ١] ، فيمن نصب (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) [الواقعة / ٣] ، إنّ إذا الأولى مبتدأ ، وإذا الثانية خبر ، والمنصوبين حالان ، والمعنى وقت وقوع الواقعة خافضة لقوم رافعة لآخرين هو وقت رجّ الأرض ، وتبعه ابن مالك على ذلك ، وقال ابن مالك : إنّها وقعت مفعولا به في قوله (ع) لعاشية : إنّي لا أعلم إذا كنت علىّ راضية وإذا كنت علىّ غضبي (٢).
والجمهور على أنّ حتّى في تلك الآية حرف ابتداء داخلة على الجملة بأسرها ، ولا عمل لها ، وأمّا : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) فإذا الثانية بدل من الأولى ، والأولى ظرف ، وجوابها محذوف لفهم المعنى ، أي انقسمتم أقساما : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) [الواقعة / ٧] ، وأمّا الحديث فإذا ظرف لمحذوف ، وهو مفعول أعلم أي شأنك معي ونحوه.
__________________
(١) هو للفرزدق. اللغة : باهليّ : نسبة إلى باهلة ، قبيلة من قيس بن غيلان ، حنظلية : نسبة إلى حنظلة ، قبيلة من تميم ، المذرع : الّذي أمّه أشرف من أبيه.
(٢) صحيح بخاري ٤ / ٧٢ ، رقم ١٥٧.