حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) [الروم / ١٧] ، أي حين تدخلون في المساء وحين تدخلون في الصباح ، وأضحي بمعنى دخل في الضحي ، كقوله [من الطويل] :
١٢٦ ـ ومن فعلاتي أنّني حسن القرى |
|
إذا الليلة الشّهباء أضحي جليدها (١) |
أي دخل في الضحي ، وظلّ بمعنى دام واستمرّ ، نحو : ظلّ اليوم أي دام ظلّه ، وبات بمعنى عرّس ، كقوله [من المتقارب] :
١٢٧ ـ وبات وباتت له ليلة |
|
كليلة ذي العائر الأرمد (٢) |
أي وعرّس. وبرح بمعنى ذهب ، نحو : (وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ) [الكهف / ٦٠] ، أي لا أذهب ، وانفكّ بمعنى انفصل ، نحو : فككت الخاتم ، فانفكّ ، أي انفصل. ودام بمعنى بقي ، نحو : (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) [هود / ١٠٧] ، أي بقيت ، وقد تكون لمعان أخر ، وعملها حينئذ عمل ما رادفته ، إن لازما فلازما أو متعدّيا بحرف فيه أو بنفسه ، فكذلك هي.
أمّا فتيء وليس وزال وما تصرّف من متصرّفها فلا تستعمل إلا نواقص. وفي التسهيل فتي تستعمل تامّة بمعنى سكن وطفأ ، وحكى في شرحه عن الفرّاء : فتأته عن الأمر كسرته ، وفتأت النار : أطفأتها. قال في القاموس : وهو صحيح ، وغلط أبو حيّان وغيره في تغليطه ، انتهى.
وحكى أبو على في الحلبيّات (٣) وقوع زال تامّة ، نحو : ما زال زيد عن مكانه ، أي لم ينتقل ، وذهب الكوفيّون إلى أنّ ليس تكون عاطفة لا اسم لها ولا خبر ، نحو : إنّما يجزي الفتى ليس الجمل.
واعلم أنّ كلّ هذه الأفعال تتصرّف إلا ليس باتّفاق ، ودام عند الفرّاء وأكثر المتأخّرين ، وما عداهما على قسمين : ما يتصرّف تصرّفا ناقصا ، وهو زال وأخواتها فلا يستعمل منها أمر ولا مصدر ، وما يتصرّف تصرفا تامّا ، وهو البواقي ، فيستعمل منها مضارع وأمر واسم فاعل ومصدر. وما تصرّف منها تصرّفا تأمّا أو ناقصا يعمل عملها ، فيثبت لغير الماضي ما يثبت للماضي من العمل ، فالمضارع ، نحو : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) [مريم / ٢٠] ، والأمر ، نحو : (كُونُوا حِجارَةً) [الإسراء / ٥٠] واسم الفاعل كقوله [من الطويل] :
__________________
(١) هو لعبد الواسع بن أسامة. اللغة : القري : إكرام الضيف. الليلة الشهباء : الليلة الباردة والمجدبة.
(٢) نسب إلى امرئ القيس. اللغة : العائر : القذي في العين. الأرمد : المصاب بالرمد ، وهو داء التهابي يصيب العين.
(٣) الحلبيّات في النحو لأبن على الفارس النحويّ.