مقدّمة
الحمد لله الّذي علّم بالقلم ، علّم الإنسان ما لم يعلم ، والصلاة والسّلام على نبي الأمم سيّدنا محمّد الأجلّ الأكرم.
علم النحو ، علم يعرف به صحّة وسقم اللغة ، وما يتعلّق بالألفاظ من حيث موقعها في الجملة ، والغرض منه الإحتراز عن الخطأ في التأليف ، والقدرة على الفهم والإيصال. وأهمية علم النحو متأتّية من وجوب الحفاظ على أصول وقواعد اللغة كفرض. إذ لا يحفظ دين ولا ثقافة إلا بحفظ اللغة ، وقد صدق من قال :
حفظ اللغات علينا |
|
فرض كفرض الصلات |
فليس يحفظ دين |
|
إلا بحفظ اللغات |
وانطلاقا من حرص المسلمين على فهم ما جاء به كلام الوحي بأفضل وجوهه ، فقد شكّل القرآن الكريم بالنسبة لهم نبعا ثرّا ، توفّروا منه على معارف غزيرة ، ساعدتهم في تطوير هذا الفهم ووضع أسس علميّة له ، وذلك بما توفّر لهم من وسائل وقدرات علمية. وإذا ما كان جمع القرآن يمثّل أولى الخطوات على طريق الاهتمام بالقرآن الكريم. فإنّ وضع علم النحو يمثّل الخطوة الثانية للحافظ على سلامة أداء النص القرآنيّ بعد شياع اللحن على ألسنة الناس. من هنا يمكن القول إنّ هاجس الحفاظ على سلامة النص القرآنيّ كان الدافع الرئيس لوضع علم النحو والإعراب ، ذلك لأنّ ظهور اللحن وتفشّيه بين الخاصّة والعامّة حتّى على لسان قرّاء القرآن الكريم كان الباعث على تدوين أصول اللغة واستنباط قواعد النحو.
وبهذا نرى أنّ السبب والدافع الرئيس في وضع القواعد النحوية كان حفظ القرآن الكريم من التحريف والخطأ والانحراف ، بحيث يمكن اعتبار العامل الدينيّ هنا أنّه شكّل العامل الأوّل فى وضع علم النحو بالإضافة إلى عوامل أخرى.
وقد قيل إنّ أوّل كلام في النحو أطلقه أبو الأسود الدؤلي المتوفي سنة ٦٧ ه. وإنّ اسم علم النحو جاء من مضمون ما جرى بين علي بن أبي طالب (ع) وأبي الأسود