محمول عليه ، وذلك لأنّ المبتدأ يكون معرّي عن العوامل اللفظيّة ، وتعرّي الاسم في التقدير قبل أن يقترن به غيره ، قال : والّذي عليه حذّاق أصحابنا أنّ الفاعل هو الأصل ، لأنّه يظهر برفعه فائدة دخول الإعراب للكلام من حيث كان تكلّف زيادة الإعراب أنّما احتمل للفرق بين المعاني الّتي لولاها وقع لبس.
فالرفع إنّما للفرق بين الفاعل والمفعول اللذين يجوز أن يكون كلّ واحد منهما فاعلا ومفعولا ، ورفع المبتدأ والخبر لم يكن لأمر يخشى التباسه ، بل لضرب من الاستحسان وتشبيه بالفاعل من حيث كان كلّ واحد منهما مخبرا عنه ، وافتقار المبتدأ إلى الخبر الّذي بعده كافتقار الفاعل إلى الفعل الّذي قبله ، ولذلك رفع المبتدأ والخبر ، انتهى.
وقيل : كلّ منهما أصل ، وهو مرتضى الرضيّ ، قال ابن هشام في شرح اللمحة : وبالجملة فإنّ هذا الخلاف طويل الذيل عديم النيل. قال الدمامينيّ في شرح التسهيل : بل تظهر جدوى الخلاف في أولوية المقدّر عند الاحتمال ، كما إذا وجدنا محلّا دار الأمر فيه بين أن يكون المحذوف فعلا ، والباقي فاعلا ، وأن يكون المحذوف خبرا ، والباقي مبتدأ ، كما إذا قيل : من قام ، فقيل في جوابه زيد ، فإنّه يحتمل كون زيد فاعلا ، والتقدير قام زيد (١) ، ويحتمل كونه مبتدأ ، والتقدير زيد قام ، فإن قلنا : الفاعل أصل ترجّح الأوّل ، وإن قلنا : المبتدأ أصل ترجّح الثاني ، انتهى. وإن قلنا : كلاهما أصل ، استوي التقديران لفقد المرجّح ، فقد ظهر جدوى الخلاف كما رأيت.
«وهو» أي الفاعل لغة من أوجد الفعل ، واصطلاحا ما أي اسم أو مؤوّل به «أسند إليه» أي نسب إليه ، والمراد بالإسناد هنا النسبة ، سواء تعلّق بها إدراك الوقوع أو إدراك عدم الوقوع أو الطّلب أو الإنشاء. فالحاصل في «ما قام زيد» سلب الوقوع ، لا سلب الإسناد ، وفي أن قام زيد ، فرض الوقوع لا فرض الإسناد ، فلا حاجة في شمول التعريف لفاعل النفي والشرط إلى ما اشتهر من تكلّف أنّ المراد بالإسناد أعمّ من الإسناد ايجابا أو سلبا ، محقّقا أو مفروضا ، كذا قال بعضهم.
«العامل فيه» المجرور متعلّق بالعامل ، أي في ذلك الاسم أو المؤوّل به ، سواء كان العامل فعلا ، أو ما يشبهه في العمل من المصدر واسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل ، فخرج المبتدأ ، نحو : زيد قام ، وزيد قائم ، فإنّ زيدا فيهما مسند إليه ، لكنّ المسند غير عامل فيه ، نعم على قول بعض إنّ المبتدأ يرتفع بالخبر ، وهو عامل فيه ، فيبقي داخلا ، وهو قول ضعيف.
__________________
(١) سقطت هذه الجملة في «س».