حيث المصدر (وجد) ، معموله شبه الجملة (بك) ، ونعته (الشديد) ، وتقدم معمول المصدر على نعته ، فجاز ذلك ، ولم يمتنع إعماله.
وحكم بقية التوابع حكم النعت (١) ، فلا يجوز أن تعطف ، أو تؤكد أو تبدل على المصدر العامل قبل إتمام عمله ، فإن تمّ عمله ؛ ونصب مفعوله ؛ فإنه يجوز ذكر التابع.
٥ ـ ألا يكون مؤخرا عن معموله :
لا يتأخر المصدر عن معموله ، سواء أكان مرفوعا أم منصوبا ، أم متعلقا ، كما أنه لا يجوز الفصل بينهما ، ويعلّل لذلك بأن معمول المصدر بمثابة الصلة ؛ لذا منع تقديمه وفصله (٢).
فإذا ذكر ما يدلّ على غير ذلك فإن النحاة يقدرون مصدرا محذوفا لدلالة المذكور عليه ، مقدرا موضعه قبل المعمول المتقدم على المصدر المذكور ، كى يكون العامل فى المعمول المتقدم. أو قبل المعمول المنفصل عن المصدر ؛ ليكون عامله.
ويجعلون من ذلك قوله تعالى : (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) [الطارق : ٨ ، ٩]. حيث الظاهر أن يوما منصوب بالمصدر المذكور رجع ، وقد فصل بينهما بخبر (إن) لقادر ، فيقدرون عاملا محذوفا قبل يوم ، والتقدير : يرجعه يوم تبلى السرائر (٣).
ومن تقدم المعمول قول عمر بن أبى ربيعة :
طال عن آل زينب الإعراض |
|
للتعدّى وما بنا الإبعاض (٤) |
الظاهر أن شبه الجملة (آل زينب) متعلقة بالمصدر المتأخر عنها (الإعراض) ، ولا يجيزون ذلك ، فيقدرون مصدرا قبل شبه الجملة يدلّ عليه المصدر المذكور.
والتقدير : طال الإعراض عن آل زينب الإعراض.
__________________
(١) المساعد على التسهيل ٢ ـ ٢٢٩.
(٢) شرح التسهيل ٣ ـ ١١٣.
(٣) فى نصب «يوم» تعليل آخر ، وهو النصب على المفعولية لفعل محذوف. تقديره : اذكر.
(٤) ديوانه ٣١٥ / شرح التسهيل ٣ ـ ١١٤.