لكن كثيرا من النحاة جوّزوا مجىء الحال من المبتدإ إذا كان فيه فائدة ، ويكون ذلك إذا دخله التنبيه والتعريف ، كأن تقول : هو زيد منطلقا فى حاجتك ، وأنا زيد منطلقا فى حاجتك. لكنهم يمنعون القول : زيد منطلقا فى حاجتك ، حيث لم يكن فيه تنبيه ولا تعريف (١).
لكننا إذا أمعنّا النظر فى تركيب الجملة الاسمية فإننا نجد أن المبتدأ فيها يجب أن يخبر عنه بخبر ، والخبر واحد من الصفة المشتقة ، وفيها معنى الفعل ، أو المصدر الذى يؤول بمشتق ، وفيه ـ كذلك ـ معنى الفعل ، أو هو هو المبتدأ ، فيقوى المبتدأ بتكرار ذاته فى الخبر أو شبه جملة أو جملة وفيهما الفعل أو ما يشبهه ، إذا أدركنا ذلك ؛ فلماذا نشكّ فى مجىء الحال من المبتدإ ، ونحن نلمس أنه لا بدّ له من الإخبار عنه بواحد مما سبق أو غيره؟!.
وأذكر ـ هنا ـ بما ذكره النحاة من مجىء الحال المؤكدة من جملة اسمية المبتدأ فيها والخبر اسمان جامدان ، نحو : هو علىّ شجاعا بطلا مغوارا ...
ومن قبيل مجىء الحال من المبتدإ مجيئها مما أصله المبتدأ ، من نحو : اسم (إنّ) ، أو اسم (كان) أو غير ذلك. ففى قوله تعالى : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) [القلم : ٣٤] ، شبه الجملة (عند ربهم) فى محل نصب على الحالية من اسم (إن) المؤخر (جنات النعيم) ، أو أن يكون ظرفا للعامل فى شبه الجملة الخبر المقدم (للمتقين) (٢).
ط ـ الحال من الخبر :
قد تكون الحال مبينة لهيئة الخبر أثناء قرنه بالمبتدإ ، كما هو فى قوله تعالى :(هذِهِ ناقَةُ اللهِ لَكُمْ آيَةً) [الأعراف : ٧٣]. حيث (آية) حال من الخبر (ناقة الله) ، وإن كانوا يختلفون فى العامل فى الحال هنا بين اسم الإشارة ، ومعنى التنبيه ، وعامل مضمر تقديره : انظروا إليها ....
__________________
(١) ينظر : الكتاب ٢ ـ ٧٨ ـ ٨١ / شرح القمولى ١ ـ ١٩١.
(٢) ينظر : إملاء ما من به الرحمن ٢ ـ ٢٦٧ / الدر المصون ٦ ـ ٣٥٧.