ومنه أن تقول : منح الأول جائزة. ألبست الطفلة حلة ، أعطى الفقير جنيهين.
والالتباس بين المفعولين مأمون ؛ لأن أحدهما فاعل فى المعنى بالضرورة ، فكلّ من المانح والكاسى فاعل ، أما الممنوح والمكسو فكل منهما مفعول به ، ويفهم ذلك من السياق اللغوى أو العلاقات المعنوية بين الكلمات فى الجملة ، وهى العلاقة المعنوية الثلاثية بين الإعطاء أو الإلباس وما فى معناهما والمعطى أو الملبس أو المعطى أو الملبس.
لكنه إن لم يؤمن اللبس فإن الفاعل فى المعنى هو الذى يقوم مقام الفاعل المجهول لا غير ، ففى نحو قولك : أعطينا خليلا عليا ، كلّ من (خليل وعلى) يصلح أن يكون فاعلا فى المعنى ، أى : معطى له ، أى : آخذا ، ولأمن هذا الالتباس يكون المتقدم هو الفاعل فى المعنى ، أى المعطى له الآخذ ، وهو (خليل) ، ويكون ذلك من خلال الرتبة لفظا فيكون النائب عن الفاعل ، فتقول بالضرورة : أعطى خليل عليا.
ثانيا : إن كان الفعل من باب (ظنّ) ؛ أى : الأفعال التى تنصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر ؛ فإنك تقيم الأول ؛ وهو المبتدأ فى الأصل ، وتمنع إقامة الثانى ، وهو الخبر فى الأصل ، ذلك لأن المبتدأ حقّه الذكر أولا ؛ لذا فإنه يتخذ مقام الفاعل فى حال حذفه ، فيقال : ظنّ محمود مجتهدا ، (محمود) المبتدأ ، خبره (مجتهد) ؛ لأن أصل الجملة الاسمية (محمود مجتهد) ، فلما دخل عليها الفعل القلبى (ظن) مبنيا للمجهول أقمت المبتدأ (محمود) مقام الفاعل ليكون نائبا عنه ، ويرفع.
وتقول : أعلم علىّ أنك حاضر. حسب محمود الأول. زعم الأستاذ موجودا.
ثالثا : إذا اجتمعت عدة مفعولات (اسم وغيره) أقيم الاسم ـ على الوجه الأصح ـ فيقال : ذوكر الدرس مذاكرة صباحا فى حجرة المكتب ، حيث (الدرس) مرفوع على أنه نائب عن الفاعل.
وأجاز الكوفيون إقامة غير الاسم مقام الفاعل ، ومنه قراءة أبى جعفر : (لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [الجاثية : ١٤] ، ببناء الفعل (يجزى) للمجهول.