أما إذا عدنا إلى سيبويه لنقرأ قوله : «وذلك قولك : كان ويكون وصار وما دام وليس وما كان نحوهن من الفعل ممّا لا يستغنى عن الخبر» (١) ، فإننا نجد أن عدم استغناء هذه الأفعال عن الخبر هى المبرر لدراستها منفردة عن الأفعال ، وبالتالى هى المبرر لنقصانها. وهو إن لم يصرح بمعنى النقصان والتمام فهما مفهومان من قوله السابق ، وهو عدم الاستغناء عن الخبر ، كما يذكر فى مواضع أخرى جواز اكتفاء بعض هذه الأفعال بالفاعل أو الاقتصار عليه (٢).
كما أن سيبويه يذكر أن اسم الفاعل والمفعول فى هذه الأفعال لشىء واحد (٣) ، ويمكن أن يفهم من هذا أحد أمرين ، أو هما معا :
ـ أن يقصد بالشىء الواحد أن الاسم والخبر فى هذه الأفعال يرتبطان باسم واحد ، فإذا قلت : كان محمد مسرعا ، فمحمد ومسرع لشخص واحد.
ـ أو أن يقصد به أن الاثنين معا مرتبطان بالفعل الناقص ، لا يستغنى عن أىّ منهما ، وفى ذلك عدم الاكتفاء بالمرفوع.
ويمكن لنا أن ندمج التعليلين معا ، إلا أن التعليل الأول هو المفهوم لدى النحاة من بعده ، حيث تكون أخبار هذه الأفعال هى أسماءها ، كالخبر يكون هو المبتدأ.
أما من حيث جواز التمام والنقصان فإن هذه الأفعال تنقسم إلى :
أ ـ ما لازم النقصان ، وهو :
(ليس) باتفاق النحاة (٤) وكذلك (زال) خلافا للفارسى ، فإنه أجاز أن تأتى قياسا لا سماعا (٥).
لكننا ننبه إلى أن (زال) إذا اختلف مضارعها عن (يزال) فهى تامة بالضرورة.
__________________
(١) الكتاب ١ ـ ٤٥.
(٢) ينظر : الكتاب ١ ـ ٤٦.
(٣) الكتاب ١ ـ ٤٥.
(٤) التسهيل ٥٢ / رصف المبانى ٢٠١ / مغنى اللبيب ١ ـ ٢٠٩ / الجنى الدانى ٤٩٣ / شرح ابن عقيل ١ ـ ١٠٠ / شرح التصريح ١ ـ ١٨٦.
(٥) ينظر : الكتاب ١ ـ ٤٦ / شرح ابن عقيل ١ ـ ١٠٢ / الهمع ١ ـ ١١٥.