في القراءة : (ءَ أَعْجَمِيٌ) بهمزة وألف على جهة النسبة إلى الأعجم. ألا ترى قوله : (وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا) [فُصّلَت : ٤٤] ولم يقرأهُ أحد عَجمياً. وأما قراءة الحسن (أعجمي وعربي) فعلى معنى هلَّا بيِّنت آياته فجعل بعضُه بياناً للعجم ، وبعضه بياناً للعرب. قال : وكلُّ هذه الأوجه الأربعة سائغة في العربيّةِ والتفسير.
وأخبرني أبو الفضل عن أبي العباس أنه سئل عن حروف المعجم : لم سمِّيتْ مُعجماً؟ فقال : أمّا أبو عمرو الشيبانيّ فيقول : أَعْجَمت أبْهَمت. قال : والعَجَميّ مُبهَم الكلام لا يتبيَّن كلامه. قال : وأما الفراء فيقول : هو من أعجمت الحروف. قال : ويقال قُفل مُعجَم ، وأمرٌ معجَمٌ ، إذا اعتاص. قال : وسمِعتُ أبا الهيْثم يقول : مُعجَم الخطّ هو الذي أعجمَه كاتبه بالنُّقط. تقول : أعجمتُ الكتابَ أُعجِمُه إعجاماً. ولا يقال عجَمتُه ، إنَّما يقال عَجَمتُ العود ، إذا عَضِضتَه لتعرف صلابتَه من رَخاوته. قال : والعَجْم : عضٌّ شديد بالأضراس دونَ الثنايا. قال : وكانوا يعجمُون القِدحَ بين الضِّرسين إذا كان معروفاً بالفَوز ليؤثروا فيه أثراً يعرفونه به.
وفي الحديث : «العَجْماءُ جُرْحُها جُبَار» ، قال أبو عبيد : أراد بالعجْماء البهيمةَ ، سمِّيت عجماءَ لأنَّها لا تتكلَّم. قال : وكلُّ من لا يقدر على الكلام فهو أعجمُ ومُستعجِم. قال : ويقال قرأ فلانٌ فاستَعجم عليه ما يقرؤه ، إذا التبس عليه فلم يتهيَّأ له أن يمضيَ فيه. وقال الحسن : «صلاة النَّهار عَجْماء» معناه أنه لا يُسمَعُ فيها قراءة. قال : ومعنى قوله : «العَجْماء جُرحُها جُبارٌ» البهيمة تنفلت فتصيب إنساناً في انفلاتها ، فذلك هَدَرٌ ، وهو معنى الجُبَار. وقال غيره : العَجَم جمع العجَميّ ، وكذلك العرب جمع العربيّ. ونحو هذا من جمعهم اليهوديَّ والمجوسي اليهودَ والمجوسَ. والعُجْم جمع الأعجم الذي لا يُفصِح ، ويجوز أن يكون جمعَ العَجَم ، فكأنه جمع الجَمْع. وكذلك العُرْب جمع العرب ، يقال هؤلاء العرب والعَجَم ، وهؤلاء العُرب والعُجم. قال ذو الرمّة :
ولا يرى مثلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ
فأراد بالعُجْم جمع العَجَم ، لأنه عطف عليه العَرَب.
وقال الليث : المُعْجَم : الحروف المقطَّعة ، سمِّيت معجَماً لأنها أعجمية. قال : وإذا قلت كتابٌ معجَّم فإنّ تعجيمَه تنقيطه لكي تستبين عُجمتُه وتَضِحَ.
قلت : والذي قاله أبو العباس وأبو الهيثم أبْيَن وأوضَح.
وقال ابن السكيت وغيره : العَجَم : نَوى التمر والنَّبِق ، الواحدة عَجَمة. والعَجَم.
صِغار الإبل ، ويجمع عُجوماً. والعَجْم : العَضّ. وقال في قول علقمة :
سُلّاءةٌ كعصا النَّهديِّ غُلَّ لها |
ذو فَيئةٍ من نَوى قُرَّانَ معجومُ |
قال ابن السكيت : معنى قوله «غُلّ» ، أي أُدخِل لها إدخالاً في باطن الحافر في موضع النُّسور. وشبَّه النسور بنوى قُرّانَ