قائمة الکتاب
ـ نشأة وتطور المعاجم العربية
١١
إعدادات
تهذيب اللغة
نشأة وتطور المعاجم العربية (١)
سبق العرب الأمم الأخرى على اختلاف أجناسها إلى تأليف المعاجم اللغوية ووضع الأسس لجمع مفردات اللغة وتحديد معانيها ، وبيان مشتقاتها ، ابتداء من القرن الثاني الهجري إلى زماننا هذا. فكان منها المعاجم الصغيرة التي يمكن للفرد أن يستفيد منها في سهولة ويسر ، وكان منها المعاجم الكبيرة التي قد تصل إلى عشرين مجلدا أو أكثر ، والتي هي أشبه بالموسوعات اللغوية الأدبية منها بالمعاجم.
بدأت الحركة المعجمية عند العرب في منتصف القرن الأول للهجرة ، وكان غرضها تفسير غريب القرآن الكريم ، والحديث النبوي الشريف. ويعرف هذا النشاط في التاريخ اللغوي بـ «معرفة الغريبين» ، وأقدم مظاهر هذا النشاط «سؤالات نافع من الأزرق» لابن عباس رضياللهعنه ... على أن أقدم كتاب وضع في «غريب القرآن» صنعه (أبان بن تغلب ، (المتوفى ١٤٠ ه)،وبعده كتاب مؤرّج السدوسي ،(المتوفى ١٩٥ ه)
ثم إنه بعد طروء ظاهرة اللحن بسبب إختلاط العرب بغيرهم من الأمم ، ودخول الناس أفواجا في دين الإسلام باتت الرغبة ملّحة لجمع اللغة الفصيحة من أفواه أصحابها قبل أن يفسدها الأعاجم. ومنذ القرن الثاني الهجري صارت العربية تحصل بالدراسة لا بالممارسة ، وغدت المادة المعجمية ضرورية لهذه الدراسة.
وقد مرت حركة التأليف المعجمي عند العرب بعدة مراحل مبتدئة في القرن الهجري الثاني ، وأخذت تنمو تدريجيا حتى نضجت واكتمل نموها في القرن الرابع الهجري.
ويمكن تحديد هذه المراحل كالآتي :
المرحلة الأولى :
وهي مرحلة تدوين ألفاظ اللغة وتفسيرها بدون ترتيب. وقد سبق التدوين عملية الجمع التي قام بها الرواة والعلماء منذ أواخر القرن الهجري الأول وخلال القرن الهجري الثاني ، عن طريق السماع من عرب البادية واتصالهم المباشر بهم أو أثناء قدومهم إلى المدن ، فضلا عن اعتمادهم على القرآن الكريم والحديث النبوي والأدب ثم أخذ بعض
__________________
(١) انظر «المعاجم والمصطلحات» للدكتور حامد صادق فنيبي.