ماثل قد جعلتها محكمة فاتخذ الجيش تلولا (توابي) وصاروا يشتغلون بالمتاريس وأن حافظ أحمد باشا كان يشجع القوم وينعم بإنعامات عديدة عليهم ويستميلهم بكل ما أوتي من قوة والجيش لم يقصر في الخدمة والعمل وكان اشتغالهم لمدة شهرين بسعي متواصل واتخذوا في هذه المدة ألغاما من اثنين وخمسين موقعا فعلم العدو بها وأجرى عليها الماء فبطل عملها وكان العمل متواصلا بشدة من الجانبين وقد قطعت آلاف من النخيل لرميها في الخندق ودفنه بالتراب. ولإتمام المحاصرة قد جرت الإحاطة من كافة الجوانب ونصب جسر فعبروه إلى الجانب الآخر من جهة (قلعة الطيور) (جانب الكرخ).
وفي اليوم الثاني والسبعين من أيام المحاصرة ترتب الجيش سحرا وتأهب للهجوم وقد بقي من الألغام واحد فلما اشتعلت فتيلته أخذت جانبا من السور إلا أن العجم كانوا قد اتخذوا خندقا وراءه وجعلوا بعده سياجا (حائطا قويا). فلما اجتاز العسكر تولاه الإيرانيون بالبنادق فاضطروا إلى العودة وقد ذهبت منهم خسائر عظيمة.
أما الشاه فإنه جاءه الخبر فنهض حتى وصل إلى درتنك ومنها مضى إلى شهربان وعلم الوزير الأعظم أن قد وافى زينل خان بجيوشه. مر بجسان فعبر ديالى.
ويلاحظ هنا أن قاسم خان أرسل كلب علي خان بخمسمائة فارس وحملوا بارودا كل واحد حمل كيسا. فاخترقوا سحرا وعلى حين غرة صفوف العثمانيين واجتازوهم فوصلوا إلى المحصورين فأمدوهم. وبهذا رفع قاسم خان عنه عار الهزيمة السابقة. ومن ثم عقد العثمانيون مجلس شورى من كبار رجالهم وقال لهم حافظ أحمد باشا إن الشاه جاء لإمداد القلعة ولم يبق من المهمات والبارود إلا القليل. وكان من رأي مصطفى باشا أن ينهضوا ويقارعوا الشاه أو يعودوا لبلادهم وإلا فلا فائدة من