الاخلاقية ، بعد أن
أنمت فيهم روح الأثَرة وحب الذات والتنافس على حطام زائل ، مما أدّى إلى تفكك مجتمعاتهم تبعاً لتمزق شمل الاُسرة وانفراط عقد المودة بين أفرادها ، فازدادت بذلك مشاكلهم ، واشتدت أزماتهم الاجتماعية والاخلاقية والنفسية.
ومن الواضح أنه لن تجد تلك الاُمم الحلّ
المناسب لجميع ما عصف بها من مشاكل على أثر مناهجها وسياساتها إلاّ في اقتباس خلق الإسلام وآدابه وتعاليمه التي هي في الواقع الاستقامة بعينها ، والاعتدال بنفسه ، والوسط المقبول بين الافراط والتفريط ؛ لاَن القطب الوحيد الذي تدور حوله رحى التوازن الفذة في كل شيء في السياسة والاجتماع والاخلاق لا يستقر إلاّ على محور الإسلام ، ذلك المحور الذي ينتهي بمريديه إلى أقصى درجات الكمال الممكن للانسان في سموه ورفعته وعزته وكرامته الحقيقية.
وتوضيحاً لمن غاب عنهم ما في دين
الإسلام العظيم من كمالات لا نظير لها في دساتير العالم أجمع ولا قرين لها في الاديان السماوية الاُخرى ، تنطلق من ضرورة تصميم الرحمة الهادية ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ
إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) تلك الرحمة التي بعث بها من هو على
خلق عظيم بشهادة السماء، لعلها تشق طريقها إلى النفوس الفاضلة فتروّي ضمأها من عذب نمير الإسلام ، جاء هذا البحث ..
ولما كان المسلمون اليوم هم أحوج من
غيرهم إلى التعرف على ذلك لذا كان الخطاب إلى غيرهم عرضاً وإليهم ذاتاً ، لعلهم يعرضوا تصرفاتهم وحركاتهم وسكناتهم على مرآة الإسلام ومفاهيمه في كلِّ وقت وحين