فقال : العنوه. وقال جدّي في كتاب الردّ على المتعصّب العنيد : قد جاء في الحديث لعن مَنْ فعل ما لا يقارب معشار عشر فعل يزيد ، وذكر الأحاديث التي ذكرها البخاري في صحيحه ، ومسلم في صحيحه ؛ مثل حديث ابن معسود ، عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه لعن الواشمات والمتوشّمات. وحديث ابن عمر : لعن الله الواشمة والمتوشّمة ، ولعن الله المصوّرين. وحديث جابر : لعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) آكل الربا وموكله (الحديث). وحديث ابن عمر في مسند أحمد : لُعنت الخمر على عشرة وجوه (الحديث). وأورد أخباراً كثيرة في هذا الباب. وهذه الأشياء دون فعل يزيد في قتله الحسين (عليه السّلام) وإخوته وأهله ، ونهب المدينة وهدم الكعبة ، وضربها بالمجانيق ، وأشعاره الدالة على فساد عقيدته. ومَنْ أراد الزيادة على هذا فليقف على كتابه المسمّى (بالردّ على المتعصّب العنيد). وحكى جدّي أبو الفرج ، عن القاضي أبي يعلى بن الفرّاء في كتابه (المعتمد) في الأصول بإسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل ، قال : قلت لأبي : إنّ قوماً ينسبونا إلى تولّي يزيد! فقال : يا بُني ، وهل يتولّى يزيد أحد يؤمن بالله؟! فقلت : فلِمَ لا تلعنه؟! فقال : ومتى رأيتني لعنت شيئاً؟ يا بُني ، لِمَ لا نلعن مَنْ لعنه الله في كتابه؟ فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقال : في قوله تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطّعُوا أَرْحَامَكُمْ * اُولئك الّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ فَأَصَمّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) (١). فهل يكون فساد أعظم من قتل الحسين (عليه السّلام)؟ وصنّف القاضي أبو يعلى كتاباً ذكر فيه بيان مَنْ يستحق اللعن ، وذكر منهم يزيد (٢). قلت : أجمع المؤرّخون على أن يزيد بن معاوية حكم ثلاث سنين وتسعة أشهر ؛ ففي السنّة الأولى كانت باكورة أعماله قتل ريحانة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقتل أصحابه الصفوة وأهل بيته البررة ، والذين ما كان لهم على وجه الأرض من شبيه حينذاك ، وسبى حرائر الرسالة
__________________
وهدمها وأحرقها. وذلك لما حوصر بها ابن الزبير. وبعد قتل ابن الزبير ، كل هذا بأمر من يزيد`الفاجر.
(١) سورة محمد ص ٢٢ ـ ٢٣.
(٢) انظر سبط ابن الجوزي ـ تذكرة خواص الأمّة ـ ص ١٦٢.