(في زمان بني اُميّة على إمامة معاوية) مع إنّ الحقّ كان بيد أمير المؤمنين علي (كرّم الله وجهه) من غير ريبة ، (و) على إمامة (يزيد) ابنه مع إنّه كان من أخبث الفسّاق ، وكان بعيداً بمراحل من الإمامة ، بل الشك في إيمانه خذله الله تعالى. والصنيعات التي صنعها معروفة من أنواع الخبائث ، (وأشباهها) من الظلمة والفسقة. وذكر المسعودي (١) قال : شمل الناس جور يزيد وعمّاله ، وعمّهم ظلمه ، وما ظهر من فسقه من قتل ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وما ظهر من شرب الخمر وسيرته سيرة فرعون ، بل كان فرعون أعدل منه في رعيته. وروى الطقطقي (٢) قال : إنّ يزيد بن معاوية كان موفر الرغبة في اللهو والقنص ، والخمر والنساء والشعر إلخ : فمن شعره :
جاءت بوجهٍ كأنّ البدرَ برقعُهُ |
|
نوراً على مائسٍ كالغصنِ معتدلِ |
إحدى يديها تعاطيني مشعشعةً |
|
كخدّها عصفرتهُ صفحةُ الخجلِ |
ثمّ استبدّت وقالت وهي عالمةٌ |
|
بما تقولُ وشمسُ الراحِ لم تقلِ |
لا ترحلنَّ فما أبقيتَ من جَلدي |
|
ما أستطيعُ بهِ توديعُ مرتحلِ |
ولا من النومِ ما ألقى الخيالُ بهِ |
|
ولا من الدمعِ ما أبكى على الطللِ |
وذكر ابن سعد في طبقاته في ترجمة حنظلة : أنّه لمّا بايع أهل المدينة ليالي الحرّة على الموت ، وقال : يا قوم ، اتقوا الله وحده لا شريك له ، فوالله ما خرجنا على يزيد حتّى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السماء ؛ إنّ رجلاً ينكح الأمّهات والبنات والأخوات ، ويشرب الخمر ، ويدع الصلاة ، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله فيه بلاءً حسناً. وذكر صاحب البداية والنهاية (٣) عن الطبراني ، عن محمد بن زكريا الغلابي ، عن أبي عائشة ، عن أبيه قال : كان يزيد في حداثته صاحب شراب ، يأخذ مأخذ الأحداث ، فأحس معاوية بذلك
__________________
(١) انظر المسعودي ـ مروج الذهب ـ ج ٢ ص ٧٥ بولاق.
(٢) انظر محمد بن علي بن طباطبا المعروف بالطقطقي ـ الفخري ص ١٠٣.
(٣) انظر ابن كثير البداية والنهاية. قسم ٤ ج ٢.