فأثبت في مستنقعِ الموتِ رجلَه |
|
وقالَ لها من تحت أخمصكِ الحشرُ |
تَرَدّى ثِيابَ المَوتِ حُمراً فَما أَتى |
|
لَها اللَيلُ إلاّ وَهيَ مِن سُندُسٍ خُضرُ |
قال الشبراوي (١) : والحسين (رضي الله عنه) أقدم بقوّة الجنان إلى مقارعة الأبطال والشجعان ، ومنازلة السيف والسنان ، فكان (رضي الله عنه) في حرب أعدائه كرّاراً صباراً ، يرى الفرار دناءة وعاراً ، فلم يزل خائضاً غمرات الأهوال بنفس مطمئنة ، وعزيمة مرجحنة ، يرى مصافحة الصفاح غنيمة ، ومراوحة الرماح فائدة جسيمة ، وبذل المهج والأرواح في نيل العزّ ثمناً قيلاً ، ويأبى الدنية وإن تركته قتيلاً.
يرى الموتَ أحلى من ركوب دنيةٍ |
|
وليس بعيشٍ عيشُ مَنْ ركبَ الذلا |
وللمغفور له السيّد حيدر الحلّي (ره) :
كريمٌ أبى شمَّ الدنية أنفُهُ |
|
فأشمّه شوكَ الوشيجِ المسددِ |
وقال قفي يا نفسُ وقفةَ واردٍ |
|
حياضَ الردى لا وقفةَ المتردّدِ |
رأى أنّ ظهرَ الذلِّ أخشنَ مركباً |
|
من الموتِ حيث الموتُ منه بمرصدِ |
فآثر أن يسعى على جمرةِ الوغى |
|
برجلٍ ولا يُعطي المقادةَ عن يدِ |
وقال أيضاً :
وسامتهُ يركبُ إحدى اثنتينْ |
|
وقد صرّت الحربُ أسنانَها |
فإمّا يُرى مذعناً أو تموت |
|
نفسٌ أبى العزُّ اذعانَها |
فقالَ لها اعتصمي بالإبا |
|
فنفسُ الأبي وما زانَها |
إذا لم تجد غيرَ لبسِ الهوا |
|
نِ فبالموتِ تنزعُ جثمانَها |
رأى القتلَ صبراً شعارَ الكرام |
|
وفخراً يزينُ لها شانَها |
فشمّرَ للحربِ في معركٍ |
|
بهِ عركَ الموتُ فرسانَها |
وأضرمها لعنانِ السماء |
|
حمراءَ تلفحُ أعنانَها |
ركينٌ وللأرضِ تحتَ الكماة |
|
رجيفٌ يزلزلُ ثهلانَها |
__________________
(١) انظر الشبراوي ـ الإتحاف بحبّ الأشراف ـ ص ٥٩ طبع الأردنية.