مفعول البتّة ؛ كقولك في «ضرب زيد عمرا ، وأكرم بكر بشرا : (ضرب عمرو ، وأكرم بشر)» (١) وإن كان يتعدّى إلى مفعولين ، صار يتعدّى إلى مفعول واحد ؛ كقولك في : «أعطيت زيدا درهما ، وظننت عمرا قائما : أعطي زيد درهما ، وظنّ عمرو قائما» ولو قلت : «ظنّ قائم عمرا» ؛ جاز (٢) ؛ لزوال اللّبس ، ولو قلت في : «ظننت زيدا أباك ؛ ظنّ أبوك زيدا» لم يجز ، وذلك ؛ لأنّ قولك : ظننت زيدا أباك يؤذن بأن زيدا معلوم ، والأبوّة مظنونة ، فلو أقيم الأب مقام الفاعل ؛ لانعكس المعنى ، فصارت الأبوّة معلومة ، وزيد مظنونا ، وذلك لا يجوز ، وكذلك تقول : «أعطي زيد درهما ، وأعطي درهم زيدا» فيكون جائزا ؛ لعدم الالتباس ، فلو قلت في «أعطيت زيدا غلاما : أعطي غلام زيدا» لم يجز ؛ لأنّ كلّ واحد منهما يصحّ أن يكون هو الآخذ ، فلو أقيم غلام مقام الفاعل ، لم يعلم الآخذ من المأخوذ ، ؛ فلهذا ، كان ممتنعا ؛ وكذلك ، إن كان الفعل يتعدّى إلى ثلاثة مفعولين ، صار يتعدّى إلى مفعولين كقولك في : «أعلم الله زيدا عمرا خير النّاس» : «أعلم زيد عمرا خير النّاس» (٣) : لقيام المفعول الأوّل مقام الفاعل ، وكان هو الأولى ؛ لأنّه فاعل في المعنى ؛ فدلّ على أنّ المفعول ـ ههنا ـ أقيم مقام الفاعل. وإذا كان الأمر على هذا ، فبناء الفعل للمفعول به ، نقيض (٤) نقله بالهمزة ، والتّضعيف ، وحرف الجرّ ، ألا ترى أنّ الفعل إذا كان يتعدّى إلى مفعول واحد ، صار يتعدّى بها إلى مفعولين ، وإذا كان يتعدّى إلى مفعولين ، صار يتعدّى بها إلى ثلاثة مفعولين ، وذلك ؛ لأنّ بناء الفعل للمفعول به ، يجعل المفعول فاعلا ، والنّقل بالهمزة ، والتّضعيف ، وحرف الجرّ ، يجعل الفاعل مفعولا ، وإذا ثبت هذا ، فلا بدّ أن تزيد بنقله بالهمزة ، والتّضعيف ، وحرف الجرّ مفعولا ، وتنقص ببنائه (٥) للمفعول مفعولا.
[وجوب تغيير الفعل عند بنائه للمجهول وعلّة ذلك]
فإن قيل : فلم وجب تغيير الفعل إذا بني للمفعول؟ قيل : لأنّ المفعول ، يصحّ أن يكون هو الفاعل ، فلو لم يغيّر الفعل ، لم يعلم هل هو الفاعل بالحقيقة ، أو (٦) قائم مقامه؟
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) في (س) كان جائزا ؛ وكلاهما صحيح.
(٣) سقطت من (ط) وما أثبتناه من (س).
(٤) في (ط) يقتضي ، والصّواب ما أثبتناه من (س) لمناسبة السّياق.
(٥) في (ط) وينقص ببنيانه ، وما أثبتناه من (س) أفضل.
(٦) في (ط) أم ؛ والصّواب ما أثبتنا من (س).