[عامل النّصب في المنادى وخلافهم فيه]
فإن قيل : فما العامل فيه النّصب؟ قيل : اختلف النّحويّون في ذلك ؛ فذهب بعضهم (١) إلى أنّ العامل فيه النّصب فعل مقدّر ؛ والتّقدير فيه : «أدعو زيدا ، أو أنادي زيدا». وذهب آخرون إلى أنّه منصوب ب «يا» لأنّها نابت عن : «أدعو / أ/ و (٢) أنادي» والذي يدلّ على ذلك ، أنّه تجوز فيه الإمالة ؛ نحو : «يا زيد» والإمالة لا تجوز في الحروف ، إلّا أنّه لمّا قام مقام الفعل ، جازت الإمالة فيه (٣).
[علّة عدم بناء المنادى المضاف والنّكرة]
فإن قيل : أليس المضاف والنّكرة مخاطبين ، فهلّا بنيا لوقوعهما موقع أسماء الخطاب كما بني المفرد؟ قيل لوجهين :
أحدهما : أنّ المفرد وقع بنفسه موقع أسماء الخطاب ، وأمّا المضاف فيتعرّف (٤) بالمضاف إليه ، فلم يقع موقع أسماء الخطاب كالمفرد ، وأمّا النّكرة فبعيدة الشّبه من أسماء الخطاب ، ولم يجز بناؤها (٥).
(والوجه الثّاني : أنّا لو سلّمنا أنّ المضاف والنّكرة وقعا موقع أسماء الخطاب ، إلّا أنّه لم يلزم بناؤهما) (٦) ؛ لأنّه عرض فيهما ما منع من البناء (٧) ، أمّا المضاف : فوجود المضاف إليه ؛ لأنّه حلّ محلّ التّنوين ، ووجود التّنوين يمنع / من / (٨) البناء ، فكذلك ما يقوم مقامه ، وأمّا النّكرة ، فنصبت ؛ ليفصل بينها وبين النّكرة التي يقصد قصدها ، وكانت النّكرة التي يقصد قصدها أولى بالتّغيير ؛ لأنّها هي المخرجة عن بابها ، فكانت أولى بالتّغيير.
[جواز حذف حرف النّداء إلّا مع النّكرة والمبهم]
فإن قيل : فهل يجوز حذف حرف النّداء؟ قيل : يجوز حذف / حرف / (٩) النّداء إلّا مع النّكرة والمبهم ؛ لأنّ الأصل فيهما النّداء ب «أيّ» ؛ نحو : «يا أيّها الرّجل ، ويا أيّهذا الرّجل» فلمّا اطّرحوا «أيّا» والألف واللّام ، لم يطّرحوا حرف النّداء ، لئلّا يؤدّي ذلك إلى الإجحاف بالاسم.
__________________
(١) في (س) بعض النّحويّين.
(٢) سقطت من (ط).
(٣) في (س) جاز فيه الإمالة.
(٤) في (س) فيعرف.
(٥) في (س) بناؤهما.
(٦) سقطت من (س).
(٧) في (ط) النّداء ، وما أثبتناه من (س).
(٨) زيادة من (س).
(٩) سقطت من (س).