العبارة ، فما ذكرناه (يدلّ على أنّها أفعال) (١) ، وما ذكرتموه يدلّ على أنّها أفعال غير حقيقيّة ، فقد عملنا بمقتضى الدّليلين ، على أنّهم قد جبروا هذا الكسر ، وألزموها الخبر عوضا عن دلالتها على المصدر ، وإذا وجد الجبر بلزوم الخبر عوضا عن المصدر كان في حكم الموجود الثّابت.
[انقسام كان على خمسة أوجه]
فإن قيل : فعلى كم تنقسم كان وأخواتها؟ قيل : أمّا كان فتنقسم على خمسة أوجه :
الوجه الأوّل : أنّها تكون ناقصة فتدلّ على الزّمان المجرّد عن الحدث ؛ نحو «كان زيد قائما» ويلزمها الخبر (٢) لما بيّنّا.
والوجه الثّاني : أنّها تكون تامّة ، فتدلّ على الزّمان والحدث كغيرها من الأفعال الحقيقيّة ، ولا تفتقر إلى خبر ؛ نحو : كان زيد ، وهي بمعنى : حدث ووقع ؛ قال الله تعالى : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ)(٣) أي : حدث ووقع ، وقال تعالى : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ)(٤) وقال تعالى : (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها)(٥) في قراءة من قرأ بالرّفع ، وقال تعالى : (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٦) ، أي : وجد وحدث ؛ وصبيّا : منصوب على الحال ، ولا يجوز أن تكون / كان / (٧) ههنا النّاقصة ؛ / لأنّه / (٨) لا اختصاص لعيسى في ذلك ؛ لأنّ كلّا قد كان في المهد صبيّا ، ولا عجب في تكليم من كان فيما مضى في حال الصّبي (وإنّما العجب في تكليم من هو في المهد في حال الصّبي) (٩) ، فدلّ على أنّها ـ ههنا ـ بمعنى : وجد وحدث ، وعلى هذا قولهم : «أنا مذ كنت صديقك ؛ / أي وجدت / (١٠) ؛ قال الشّاعر (١١) : [الطّويل]
فدى لبني ذهل بن شيبان ناقتي |
|
إذا كان يوم ذو كواكب أشهب (١٢) |
__________________
(١) سقطت من (س).
(٢) في (س) الجرّ ، وهو سهو من النّاسخ.
(٣) س : ٢ (البقرة ، ن : ٢٨٠ ، مد).
(٤) س : ٤ (النّساء ، ن : ٢٩ ، مد).
(٥) س : ٤ (النّساء ، ن : ٤٠ ، مد).
(٦) س : ١٩ (مريم ، ن : ٢٩ ، مك).
(٧) سقطت من (ط).
(٨) في (ط) لأنّها ؛ والصّواب ما أثبتنا من (س) لموافقة السّياق.
(٩) سقطت من (س).
(١٠) سقطت من (ط).
(١١) نسب صاحب «الأزهية في علم الحروف» هذا البيت إلى مقاس العائذيّ ، ولم أصطد له ترجمة وافية.
(١٢) المفردات الغريبة : ذهل بن شيبان : جدّ جاهليّ ، وبنوه بطن من بكر بن وائل