.................................................................................................
______________________________________________________
إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى (١) ، وينبغي أن يكون الفعل بعد هذه الفاء خبر مبتدأ محذوف ، ولو لا ذلك لحكم بزيادة الفاء وجزم المضارع ، لأنها حينئذ في تقدير الشرط ، لكن العرب التزمت رفع المضارع بعدها فعلم أنها غير زائدة وأنها داخلة على مبتدأ مقدر كما تدخل على مبتدأ مظهر. انتهى كلامه رحمهالله تعالى. وقال والده في شرح الكافية (٢) : «أصل جواب الشرط أن يكون فعلا ماضيا صالحا لجعله شرطا ، فإذا جاء على الأصل لم يحتج إلى فاء يقترن بها ، فإن اقترن بها فعلى خلاف الأصل ، وينبغي أن يكون الفعل خبر مبتدإ ، ولو لا ذلك لحكم بزيادة الفاء وجزم الفعل إن كان مضارعا لأن الفاء على ذلك التقدير زائدة في تقدير السقوط ، لكن العرب التزمت رفع المضارع بعدها فعلم أنها غير زائدة وأنها داخلة على مبتدأ مقدر كما تدخل على مبتدأ مصرح ، ومن ذلك قوله تعالى : (فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً)(٣) ، ومثله قراءة حمزة : إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ، وإذا كان الجواب ماضيا لفظا لا معنى لم يجز اقترانه بالفاء إلا في وعد أو وعيد ، لأنه إذا كان وعدا أو وعيدا حسن أن يقدر ماضي المعنى فعومل معاملة الماضي حقيقة ، ومثال الماضي حقيقة قوله تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ)(٤) ، ومثال الماضي لفظا لا معنى مقرونا بالفاء قوله تعالى : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ)(٥) ، وإلى هذا أشرت بقولي.
ولا يلي [الفا] الماضي الآتي معنى |
|
إلّا لوعد أو وعيد يعني |
ويجوز أن تكون الفاء عاطفة ويكون التقدير : ومن جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار فيقال لهم : هل تجزون؟ كما قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ)(٦) أي : فيقال لهم : أكفرتم؟ وإذا كان الجواب جملة اسمية [أو فعلية](٧) لا تلي حرف الشرط وجب اقترانها بالفاء ليعلم ارتباطها بالأداة ، فإن ما لا يصح للارتباط مع الاتصال أحق بأن ـ
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٨٢.
(٢) انظر شرح الكافية الشافية (٣ / ١٥٩٤).
(٣) سورة الجن : ١٣.
(٤) سورة يوسف : ٢٦.
(٥) سورة النمل : ٩٠.
(٦) سورة آل عمران : ١٠٦.
(٧) انظر البيان للأنباري (١ / ٢١٤) ، والتبيان للعكبري (٢٨٤).