.................................................................................................
______________________________________________________
ثم قال الشيخ (١) : «وتعليل المصنف للزوم الفاء بتأويلها بـ «مهما يكن» ليس بجيد ، لأن جواب «مهما يكن» لا يلزم الفاء إذا كان صالحا لأداة الشرط ، والفاء لازمة بعد «أما» كان ما دخلت عليه صالحا لأداة الشرط أو لم يكن ، ألا ترى أنه يجوز أن يقول : مهما يكن من شيء لم أبال به ويمتنع ذلك في «أما» ؛ بل يجب ذكر «الفاء» فتقول : أما كذا فلم أبال به ، فدلّ ذلك على أن دخول الفاء ووجوبها ليس بداخل إن أوّلت بمهما يكن» انتهى.
ولك أن تقول : الفاء هي التي دلت على أن «أما» مؤولة بـ «مهما يكن» إذ لو لا هي لم يعلم أن «أما» أريد بها ما يراد بـ «مهما يكن» ؛ لأن النحاة إنما دلّهم على أنها شرط لزوم «الفاء» بعدها ، وإذا كذلك كان ذكرها لازما ، فقول المصنف : فلذا تلزم الفاء ـ تعليل لكونها حرفا مؤولا بـ «مهما يكن» لا تعليل لكونها بمعنى «مهما يكن» فيلزمه ما ذكره الشيخ.
وأما قول المصنف : ولا يليها فعل ـ فقد تقدم قوله في شرح الكافية : «ولا يليها فعل لأنها قائمة مقام حرف شرط وفعل شرط ، فلو وليها فعل لتوهم أنه فعل شرط» إلى آخر ما ذكره.
وأما قوله : بل معموله أو معمول ما أشبهه أو خبر أو مخبر عنه أو أداة شرط ـ فإشارة إلى الجزء الذي يجب الفصل به بين «أما» وجوابها ، وقد ذكر خمسة أشياء ، وهي بالحقيقة أربعة ، فإن معمول ما أشبه الفعل لا فرق بينه وبين معمول الفعل إذ المعمول يشملهما ، فمثال معمول الفعل قوله تعالى : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(٢) إلى آخر الآيات الشريفة (٣) ، ومثال معمول ما أشبهه قول العرب : أما العسل فأنا شرّاب (٤) ، ومثال الخبر : أما في الدار فزيد ، ومثال المخبر عنه : أما زيد فمنطلق ، ومثال أداة الشرط قوله تعالى : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ)(٥) إلى آخر الآيات الشريفة (٦). ـ
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) سورة الضحى : ٩.
(٣) يعني الآية ١٠ ، والآية ١١ من سورة الضحى.
(٤) انظر الكتاب (١ / ١١١) (هارون).
(٥) سورة الواقعة : ٨٨ ، ٨٩.
(٦) يعني الآيات : ٩٠ ، ٩١ ، ٩٢ ، ٩٣ من سورة الواقعة.