الموت لم يعهد قبل موتك ، وكأن النياحة لم تقم على من سواك.
والبيت شاهد على أنه إذا وقع مرفوع بعد المستثنى في الشعر ، أضمروا له عاملا من جنس الأول ، أي : قامت النوائح.
والبيت من قطعة في حماسة أبي تمام برقم (٢٨٠) من شرح المرزوقي ، وهي في رثاء (ابن سعيد) حيث يقول في أول القطعة :
مضى ابن سعيد حين لم يبق مشرق |
|
ولا مغرب إلا له فيه مادح |
وما كنت أدري ما فواضل كفّه |
|
على الناس حتى غيّبته الصفائح |
فأصبح في لحد من الأرض ميّتا |
|
وكانت به حيّا تضيق الصحاصح |
سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض |
|
فحسبك منّي ما تجنّ الجوانح |
وما أنا من رزء وإن جلّ جازع |
|
ولا بسرور بعد موتك فارح |
كأن لم يمت ... البيت.
لئن حسنت فيك المراثي وذكرها |
|
لقد حسنت من قبل فيك المدائح |
يرثي عمرو بن سعيد بن قتيبة الباهلي ولكنني أسأل : هل كانت لابن سعيد هذا مزارع ، ينفق على المحتاجين من ريعها ، وهل كانت له تجارة يديرها فتدر عليه ربحا ويتصدق على المحتاجين؟ فإذا لم يكن زارعا أو تاجرا ، وكان ذا مال وفير ، نسأله : من أين لك هذا؟ وليس عنده جواب إلا القول : إنه سرق حقوق الناس في بيت مال المسلمين ، ثم فرّقه على من لا يستحقه من المادحين الكاذبين!! [الحماسة / ٥٨٩ ، والخزانة / ١ / ٢٩٥ وشرح الحماسة للأعلم / ١ / ٤٧٣].
(٤) أتى دونها ذبّ الرّياد كأنّه |
|
فتى فارسيّ في سراويل رامح |
هذا البيت من قصيدة لتميم بن أبيّ بن مقبل ، يصف الثور الوحشي ، وضمير دونها ، لأنثاه ، ودون بمعنى «قدّام» والذبّ : الثور الوحشي ويقال له : ذب الرياد : لأنه يرود ، أي : يذهب ويجيء ، ولا يثبت في موضع ، شبه الشاعر ما على قوائم الثور الوحشي من الشعر ، بالسراويل ، وهو من لباس الفرس ، ولهذا شبهه بفتى فارسي ، وشبه قرنه بالرّمح ، ولهذا قال : رامح ، أي : ذو رمح. في سراويل : حال من ضمير «فارسي» إذ هو بمعنى منسوب إلى الفرس ، أو صفة لفارسي ، ورامح : صفة ثانية لفتى وجرّ سراويل بالفتحة لأنه