.................................................................................................
______________________________________________________
هو الذي أراده المصنف بقوله : متّحد به معنى بعد قوله : مغاير له لفظا : وإما أن يكون منزلا منزلته كقولنا : أبو يوسف أبو حنيفة ، وزيد الأسد ، وكقوله تعالى : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ)(١) أي تنزلن منزلة الأمهات في حرمة التزوج ، ونحو : ما أنت إلا سير. ثم قالوا : ولذلك تأويلان :
أحدهما : على أنه حذف مضاف أي مثل أبي حنيفة ، ومثل الأسد ، وصاحب سير ، وكذا زيد صوم أي صاحب صوم.
الثاني : أن يجعل أحدهما الآخر مبالغة كما قال أبو علي (٢) في قول الشاعر :
٦٠٦ ـ [ترتع ما رتعت حتّى إذا ادّكرت] |
|
فإنّما هي إقبال وإدبار (٣) |
جعلها نفس الإقبال والإدبار مبالغة لكثرة وقوع ذلك من فاعله.
وأما المصنف فكأنه نحا إلى شيء ، وهو أن الخبر إذا كان مغايرا للمبتدأ معنى فقد تقصد المبالغة بجعل العين نفس المعنى ، أو بجعل المعنى نفس العين إذا كان في الكلام إشعار بلزوم حال تلحق أحدهما بالآخر ، وحينئذ فلا يقدر مضاف ـ
__________________
(١) سورةالأحزاب : ٦.
(٢) في كتاب سيبويه جاء قوله : (١ / ٣٣٧) بعد كلام له : وإن شئت رفعت هذا كلّه فجعلت الآخر هو الأول ، فجاز على سعة الكلام ، ثم أنشد بيت الخنساء ، وقال : جعلها الإقبال والإدبار. فجاز على سعة الكلام ، كقولك : نهارك صائم وليلك قائم. وفي المقتضب : (٣ / ٢٣٠) يقول المبرد تعليقا على البيت المذكور : أي ذات إقبال وإدبار ، ويكون على أنّه جعلها الإقبال والإدبار لكثرة ذلك منها.
(٣) البيت من بحر البسيط من قصيدة طويلة للخنساء ترثي فيها أخاها صخرا ، وقد غنى ابن سريج بعض أبياتها ومطلعها كما في الديوان (ص ٢٦).
قذا بعينك أم بالعين عوّار |
|
أم ذرّفت إذ خلت من أهلها الدّار |
وقبل بيت الشاهد قولها تصف حزنها على أخيها.
فما عجول لدى بوّ تطيف به |
|
لها حنينان إصغار وإكبار |
ترتع ما رتعت ... بيت الشاهد وبعده :
يوما بأوجع منّي يوم فارقني |
|
صخر وللدّهر إحلاء وإمرار |
اللغة : العجول من النساء والإبل : الواله التي فقدت ولدها وهي الثكلى لعجلتها في مجيئها وذهابها جزعا. البوّ :
ولد الناقة ، وجلد يحشى تبنا ، ويقرب من أم الفصيل فتعطف عليه وتدر اللبن. ادّكرت : أي تذكرت ولدها.
والشاهد في البيت : الإخبار عن الذات بالحدث في قولها فإنما هي إقبال وإدبار وقد خرجوه على المبالغة كأن الحدث هو الذات ، وقيل بحذف المضاف أي ذات إقبال وإدبار ، وقيل بتأويل المصدر باسم الفاعل أي مقبلة ومدبرة.
والبيت في شرح التسهيل لابن مالك : (١ / ٣٢٤) وهو في معجم الشواهد (ص ١٦٤).