نعم يمكن أن يقال : الأصل والمنشأ في ذلك أحد الأمرين :
أحدهما : أن يقال : إنّ تملّكهم الفعلي لم يتعلّق بهذه الأمور ليلحقه الإباحة والتحليل ، فيشكل بما ذكر ، وإنّما كان حكما شأنيا من الله سبحانه ، وإذنهم ، ورفع يدهم رافع لذلك الحكم الشأني ، بمعنى أنّ الشارع بملاحظة رضاهم بتصرّف الشيعة لم يجعل هذه الأمور في زمان قصور يدهم ملكا فعليا لهم ، بل أبقاها على الحالة الأصلية ، فهي باقية بواسطة ما علم الله تعالى منهم من الرضى على إباحتها الأصلية بالنسبة إلى الشيعة ، وهذا نظير الحرج الدافع للتكليف الشأني ، كما في نجاسة الحديد ، ولا مخالفة في ذلك لأخبار اختصاص هذه الأمور بالإمام ـ عليهالسلام ـ ، نظرا إلى أنّ صيرورتها من المباحات إنّما نشأ من شفقتهم القديمة على الشيعة قبل شرع الأحكام ، فجواز التصرّف منوط برضاهم ـ عليهمالسلام ـ ، ولا يجوز التصرّف بدون رضاهم ، ومن تصرّف بدون رضاهم فهو ظالم لهم غاصب لحقّهم ، ولا معنى للاختصاص أزيد من ذلك.
الثاني : أن يقال : بثبوت ملكهم لها فعلا ، إلّا أنّ معنى ملكيتهم الفعلية ليس أمرا ينافي ملكية الشيعة لها بالإحياء والحيازة حتى تكون ملكية الشيعة لها بالانتقال عن ملك الإمام ـ عليهالسلام ـ ، وإن صرّح في بعض الأخبار بلفظ «الهبة» الظاهرة في الانتقال ، بل هو معنى يشبه في الجملة بملكية الله تعالى سبحانه للأشياء ، وإن كان ذلك ملكا حقيقيا مساويا لملكية نفس العباد ؛ إلّا أنّ هذا المعنى كالقريب منه ، بمعنى أنّ الله تعالى سلّطهم على هذه الأموال سلطنة مستمرّة لهم أن يأذنوا لغيرهم في التملّك ، ولهم أن يمنعوا ، وليس الإذن علّة محدثة للتملّك حتى يحتاجوا في إرجاعه بعد تملّك الغير إلى أنفسهم إلى تملّك جديد ، نظير المولى