المكلّف مخيّرا في التعيين عند عدم وفائه إلّا بحاجة البعض ، فتكون الآية والروايات الواردة في هذا الباب بمنزلة ما لو أوصى شخص بصرف نماء ثلثه في كلّ سنة نصفه في تعزية سيّد الشهداء ـ عليهالسلام ـ مثلا ، ونصفه الآخر في فقراء ذريته ، وكان ذلك النصف بمقتضى العادة وافيا بمئونة فقراء ذريته إلى آخر الأبد ، وكانت ذرّيته محصورة في ولد زيد وعمرو وبكر ، فجعل لفقراء ذرّيته من نسل كلّ منهم من ذلك النصف ثلثه ، ثمّ صرّح بعد ذلك بأنّ غرضه من هذه الوصيّة أن لا يبقى أحد من ذرّيته محتاجا في مئونته إلى الصدقة ، وأن يصير أحد منهم في موضع الذلّ والمسكنة ، فإن زاد عن مؤونتهم شيء صرف أيضا في التعزية ، كشف ذلك عن أنّ تثليث السهام لم يكن إلّا لزعمه كفاية كلّ سهم لكلّ صنف ، فلو فرض احتياج صنف منهم في زمان إلى أكثر من سهمه بعكس صنف آخر ، أو انحصر الفقراء من ذريته في هذا الصنف ، واحتاجوا في معيشتهم إلى صرف جميع الربح ، صرف الربح فيهم على حسب ما يحتاجون إليه ، ولو فرض نقصان الربح وعدم إمكان صرفه إلّا في مئونة عدّة آحاد منهم لا يختلف الحال حينئذ بين أن تكون تلك الآحاد مجموعها من صنف واحد أو من مجموع الأصناف ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وربّما يؤيّده أيضا قوله ـ صلىاللهعليهوآله ـ في خبر عيسى بن المستفاد ، الآتي في مسألة مصرف سهم الإمام ـ عليهالسلام ـ : «فمن عجز ـ أي عن إيصال الخمس إلى وليّ المؤمنين ـ ولم يقدر إلّا على اليسير من المال فليدفع ذلك إلى الضعفاء من أهل بيتي من ولد «الأئمّة» (١) الحديث ؛
__________________
(١) الوسائل : الباب ٤ من أبواب الأنفال ، الحديث ٢١.