فاقضه ، وإن شِئت لم تقضه ، فلا جُناح عليك» (١) وضعّفه بجهالة الراوي ، وضعف أحمد بن هلال (٢).
أقول : وهذه الرواية أيضاً لا تنافي الاستحباب كما لا يخفى ، بل هي صريحة في استحبابه للمسافر ؛ لاستحالة كون العبادة مُباحة بالذات ، وتحمل في المرض على نفي تأكد الاستحباب ، كما تحمل الصحيحة أيضاً على نفي الوجوب ، أو نفي تأكد الاستحباب ، فالقضاء فيمن تركه بلا عذر مؤكد ، ودونه المسافر ، ودونه المريض.
بقي الكلام في بيان الحكمة في الفرق بين المقامات ، والذي يخطر بالبال أنّ المريض والمسافر اللذين ليسا من أهل الصيام وكانا يتركانه لو لم يحصل لهما العذر أيضاً ، فهما في حكم التارك بلا عذر.
وأما إذا كان من شأنهما الصيام ، فهما قاصدان للصوم لو لم يعرضهما العارض ، ونيتهما تقوم مقام عملهما ، بل نية المؤمن خير من عمله ، بخلاف التارك بلا عذر.
وأيضاً فلكلّ من أيّام الدهر عدا المستثنيات وظيفة من الصوم المندوب كالصلاة المندوبة ، فتبديل وظيفتها بقضاء هذه الأيّام مفوّت لتلك الفضيلة.
إذا عرفت هذه المقدّمات الثلاث ؛ فعقوبة من تركه بلا عذر فوت تلك الفضيلة والاكتفاء بالقضاء ، وأما الآخران فكأنّهما صاما تلك الأيّام بنيتهما ، فيستحقان إدراك فضيلة الوظيفة المخصوصة لسائر الأيّام ، وإلا لأشكل الأمر في نفي التأكيد فيهما.
وأما الاستحباب في الجملة فلعلّه إما للتساوي فيكون أحد فردَي المستحب ، أو لكون قضاء تلك الأيّام مع حصول الفضيلة بالنية أيضاً أفضل من الإتيان بأصل وظيفة سائر الأيّام ، هذا إذا لم نقل بالتداخل ، وإلا فنفي الاستحباب أو تأكّده أضعف.
الثاني : قال في المسالك والروضة : لو قضاها في مثلها ، فتحصل له فضيلتهما (٣).
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٣٠ ح ٢ ، الوسائل ٧ : ١٥٩ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢١ ح ٥.
(٢) المدارك ٦ : ٢٦١ ، وانظر خلاصة العلامة : ٢٠٢ ، ومعجم رجال الحديث رقم ١٠٠٥.
(٣) المسالك ٢ : ٧٦ ، الروضة البهيّة ٢ : ١٣٤.