وفيه منع صدق ابن السبيل عرفا على من لم يتلبّس بعد بالسفر.
نعم من لم يكن عنده مئونة السفر لو تكلّف وسافر ، اندرج بعد مسافرته في موضوع ابن السبيل الذي وضع له السهم من الزكاة ، إذ لا يشترط في صحة هذا الإطلاق حدوث الفقر والاحتياج بعد تلبّسه بالسفر ، بل ثبوته فيه ولو من حين تلبّسه بالسير.
وكيف كان ، فالقول بجواز الصرف من هذا السهم في مريد السفر الذي ليس له نفقته ضعيف.
وقياس مريد السفر من وطنه على مريد الخروج من موضع الإقامة ـ حيث إنّه يجوز إعطاؤه من سهم ابن السبيل مع انقطاع سفره بإقامة العشرة ـ قياس مع الفارق ، فإنّ كون الإقامة أو البقاء ثلاثين يوما في مكان متردّدا قاطعة للسفر شرعا لا يوجب صيرورة محلّ الإقامة وطنه حقيقة حتّى يخرج بذلك المسافر الذي عزمه الرجوع إلى وطنه عند بقائه في بلد شهرا أو شهرين فما زاد عن موضوع ابن السبيل ، خصوصا إذا كان توقّفه في ذلك المكان مسبّبا عن نفاد زاده وراحلته ، وعدم تمكّنه من المسافرة عنه ، فإنّ هذا يؤكّد كونه ابن السبيل عرفا.
ومن هنا يظهر أيضا ضعف ما حكي (١) عن غير واحد من إلحاق موضوع الإقامة ببلده في عدم كونه ابن السبيل ما لم يسافر عنه ، إذ العرف أعدل شاهد بالفرق بينهما ، وأنّ إقامة العشرة فما زاد غير منافية لصدق اسم ابن السبيل ، بل ربما تكون مؤكدة له ، كما تقدّمت الإشارة إليه.
__________________
(١) الحاكي هو : صاحب الجواهر فيها ١٥ : ٣٧٢ والمحكي عن غير واحد : ظاهر المبسوط وصريح التذكرة وكذا ابن فهد الحلي في المحرّر.