ولكن كلتا الدعويين على خلاف الأصل ، كما نبّه على ذلك كلّه شيخنا المرتضى قدس سرّه ، ثمّ قال : ولعلّ ما ذكرنا هو مرجع استدلال الجماعة على الحكم المذكور بأنّ التكبير ذكر والمقصود منه المعنى ، فإذا تعذّر اللفظ الخاصّ ، عدل إلى معناه ، وإلّا فهذا الوجه بمجرّده اعتبار لا يصلح وجها لوجوب الترجمة فضلا عن تقديمها على ذكر عربيّ آخر (١). انتهى.
أقول : مرادهم ـ بحسب الظاهر ـ الاستدلال بقاعدة الميسور ، وهو لا يخلو عن وجه ؛ ضرورة أنّ مطلوبيّة التكبير أو التشهّد ونحوهما من الأذكار الواجبة أو المستحبّة ليست بلحاظ ألفاظها من حيث هي ، بل بلحاظ ما تضمّنته من المعاني ، لا بمعنى أنّه يجب على المكلّف قصد معانيها ، بل بمعنى أنّ مطلوبيّة هذه الألفاظ إنّما هي بلحاظ بمعانيها المنشأة بها من الثناء على الله تعالى بصفة الكبرياء والشهادة بالرسالة وغير ذلك وإن لم يشعر المكلّف بمعانيها من حيث هي ، نظير ما لو أمر المولى عبده بأن يتكلّم عند ملاقاة زيد بكلام خاصّ يحصل به مدح زيد بصفة كمال ، لم يجب عليه عند ملاقاة زيد إلّا الإتيان بذلك الكلام وإن لم يلتفت إلى معناه ، وإذا تعذّر عليه ذلك اللفظ ، قام مرادفه مقامه بعد أن علم أنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، بشهادة العرف بعد أن علموا بأنّ مطلوبيّة هذا الكلام ليست من حيث مجرّد اللفظ ، بل بلحاظ المعنى الحاصل به ، كما فيما نحن فيه.
وكيف كان فلا ينبغي الارتياب في أصل الحكم بعد اتّفاق كلمة الأصحاب عليه واعتضاده بما سمعت ، بل الإنصاف عدم قصور للقاعدة عن شموله ، وهي
__________________
(١) كتاب الصلاة ١ : ٢٩٠.