مطاعا ، فلو كانت إمامته على جور ، كان أوّل من يقعد عنها أبوك ، لعلمه
بدين اللّٰه وفقهه في أحكام اللّٰه ، فسكت المهدي ، ولم يمض بعد هذا
المجلس إلّا قليلا حتّى عزل شريك .
وهذا ما يؤكد
عداءهم لنهج عليّ خلافة ووصية وفقها ، ومنه مفردة الوضوء كما عرفت.
الرشيد والوضوء
ولما آل الأمر
إلى هارون الرشيد ـ الذي تعدّ فترة حكمه أوج قوة العصر العباسي وعصرها الذهبي ـ نحا
نفس منحى أسلافه في رفض علي وابن عباس ـ وإن كان الأخير جدّهم ـ ورفض منهجهم
الفكري والفقهي ، فما أن دار الحوار السابق بين المهدي وشريك ، حتّى قدم هارون
الرشيد الكوفة يعزل شريكا عن القضاء ، وليس بنا حاجة هاهنا إلى شرح ظلم الرشيد للعلويين ،
ولكنّ الذي نريد التأكيد عليه هو محاربته إياهم فقهيّا إضافة إلى محاربتهم سياسيا
وعسكريّا.
فقد جاء رجل
إلى الرشيد يخبره عن مكان يحيى بن عبد اللّٰه بن الحسن ، ووصف له شكله ولباس
وهيئته وجماعته ، فلم يطمئن الرشيد بل سأله : أو تعرف يحيى؟
قال : قديما ،
وذاك الذي حقّق معرفتي بالأمس له.
قال : فصفه لي.
قال : مربوع ،
أسمر ، حلو السمرة ، أجلح ، حسن العينين ، عظيم البطن.
قال : هو ذاك ،
فما سمعته يقول؟
قال : ما سمعته
يقول شيئا ، غير أنّي لمّا رأيته رأيت غلاما له أعرفه ، لمّا حضر وقت صلاته فأتاه
بثوب غسيل فألقاه في عنقه ونزع جبته الصوف ليغسلها ، فلمّا كان
__________________